الدائمة الطفولة…الفنانة سارة السلطان في ثنايات التشكيل عاطفة للفرشاة
” المرأة السعودية في السابق لا تستطيع السفر بدون تصريح، ولا تستطيع حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا تستطيع قيادة السيارة، ولا تستطيع ممارسة الكثير من الأعمال، ولا تستطيع إنهاء قضاياها دون محرم، وقد عانت من ذلك لعشرات السنين، أما اليوم فتعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة. فلقد عملنا على تمكين المرأة السعودية في مجال العمل والأحوال الشخصية، وباتت اليوم فعليًا شريكًا للرجل السعودي في تنمية وطننا جميعًا دون تفرقة. أنا لا أتطرق إلى قيادة المرأة السيارة فقط، أنا أتحدث عن تقديم الفرصة لها لتقود التنمية في وطنها بالمعنى الأشمل. فعلى سبيل المثال، تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى 31%”.الأمير محمد بن سلمانعندما سألت الفنانة السعودية الشابة (سارة السلطان) عن الشخصية الأكثر تأثيرًا في حياتها قالت دونما تفكير أنه “سيدي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان” وذلك لأنها -أي سارة السلطان- نموذج ناصع على تفوق المرأة السعودية من ناحية وعلى مدى التحرر والقدرات اللامتناهية غير المسبوقة التي جعلت المرأة السعودية تتصالح مع كينونتها وقدراتها وفنونها وطموحها في ظل رعاية الأمير بن سلمان وإيمانه بذلك.نستطيع القول إن لفرشاة الفنانة السعودية (سارة سلطان) عاطفة مستقلة، فهي تنتمي إلى فئة من التشكيليين المبدعين الذين وقبل أن يتواصلوا مع موضوع لوحاتهم يقومون أولا بالاتصال والتواصل مع أنفسهم، مع أرواحهم في صخبها وسكونها لذا ففي أعمالها الفنية على وجه العموم، والبورتريه منها على وجه الخصوص نرى عاطفة متقدة غير منبعثة من وجه الموضوع بل من فرشاة (سارة السلطان).فاجأ (بول سيزان) تاجر أعماله الفنية بقوله “إن ذروة الفن كله يكمن في الوجه البشري” ومنبع المفاجأة أن هذا الرأي يصدر من فنان بعظمة (بول سيزان) قضى جل حياته يرسم الحياة الجامدة والمشاهد الطبيعية، في بعض منها تنتمي (سارة السلطان) إلى هذا الرأي فهي تبدع في التقاط تفاصيل الوجه البشري بطرق وأساليب ذات أبعاد تعبيرية وتشكيلية مختلفة تحكمها ههنا العلاقة الجدلية دائمة التحرك والحركة إلى الأمام ما بين الجوهر الداخلي لموضوع اللوحة وهو الوجه الإنساني الذي تقوم بتمثيله تمثيلا بديعًا لا يقوم على مجرد التشابه الحرفي في علاقته مع المظهر الخارجي لذات الموضوع وهذا ما ينتج في نهاية الأمر “حقيقة حقيقية” كما يقول أرسطو من هذا المنطلق لا تسعى (سارة السلطان) نحو الواقعية الفوتوغرافية بل أن غايتها أقرب لتحقيق التشابه الانطباعي مصحوبًا بلمسة أنثوية ساحرة لطالما استعارت عيني طفلة بما تمثله الطفولة من قدرة لامتناهية على الاندهاش والاستغراق في جماليات التفاصيل والسفر الدائم نحو اللامعقول بسحره وتأثيره في كسر حدود الواقعي بل ومرارته أحيانا فكل ما ينتج هو جميل فرح حتى الحزن منه فلا انكسار هناك في لوحاتها ولا ألم، لكننا نلحظ في أعمالها الفنية مجموعات كاملة من المشاعر الدقيقة محققة تطلع تشارلز ديكنز طيف كامل من التهديد الهادئ إلى القناعة اللطيفة.
على المستوى الواقعي تقترب (سارة السلطان) كثيرًا من موضوعها ففي ثنايات التشكيل تتناثر التفاصيل الدقيقة التي تكاد تقترب من التوثيق بحرفية شديدة لا تكسر خيال العمل الفني، فعينيي المتلقي تعثر داخل أعمالها الفنية على الـ “الواقعي” لكنه واقع منكه بفرشاتها هي وبطاقة إبداعية تعبيرية ذات تكوين بصري فريد من لوحة إلى أخرى، تخلق فرادته واقعًا موازيًا يكسر القواعد الحسابية والهندسية عندما يجد طريقه ليتقاطع متلاقيًا مع الواقع المعاش بملامحه وتفاصيله وربما يكون ذلك هو السر وراء تلك الأضداد المتآلفة التي تشكل ملمحًا جامعًا مانعًا في أعمال الفنانة (سارة السلطان) فهناك هدوء الملامح في مقابل الصخب الداخلي للشحنات التعبيرية والانفعالية كما هناك ذلك التباين الرائق عندما تتلاعب بقوانين الظل والضوء مضيفة إليه براعة منقطعة النظير في الدمج بين الألوان سواء الألوان المحايدة كالأسود أو الألوان الـ “الإيرثي” كالبنيات بدرجاتها والألوان الدافئة كالأخضر المستوحاة من علم بلدها أو الأزرق الملكي سعيًا نحو تشكيل كامل منسجم جامعًا كل هذا الزخم من التفاصيل لكن طلته على مستوى التلقي الأولي مفعمة بسحر البساطة.الفنانة (سارة السلطان) هي من مواليد 1990 ورغم أن دراستها هي العلاقات العامة والإعلام إلا وجوهها تشي بثقافة بصرية وتشريحية عالية وضرورية لهذا النوع من الفن التشكيلي ومع كل الذي حققته فإن واقعها المأمول مازال مفتوحًا بآفاق لا نهائية ليس فقط على المستوى الشخصي ولكن أيضًا في خدمة وطنها السعودية.