إسماعيل حسن : أعمل على توظيف الموروث الثقافى السودانى

0

الفنان الدكتور إسماعيل حسن، من دولة السودان الشقيقة،حاصل على درجة الدكتوراة فى فلسفة الفنون،يميل إلى المدرسة التجريدية،شارك فى العديد من المعارض الجماعية داخل السودان وخارجه،يركز على مفردات البيئة السودانية كالريف مثلا؛ولكن بمعالجات مختلفة .كان لموقع عرب 22 هذا الحوار الممتع والمفيد مع دكتور إسماعيل حسن  للتقارب بين فنانى الوطن العربى .

فى البداية نود أن نعرف من هو الفنان إسماعيل حسن ؟
إسماعيل حسن إسماعيل، مواليد مدينة الخرطوم في سبتمبر 1983م، درست المرحلة الإبتدائية في مدرسة الكلاكلة القبة شمال الحكومية وكنا أول دفعة للسلم التعليمي الجديد حيث ألغيت المرحلة المتوسطة لتكون الإبتدائية ثماني سنوات والتحقت بمدرسة الكلاكلة الجديدة الثانوية. ومن ثم دخلت كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في العام 1999م وتخصصت في التلوين ونلت الماجستير عام 2010م برسالة مقدمة بعنوان استخدام ألوان الأكريليك في التلوين بين النظرية والتطبيق وقدمت معرضًا مصاحب للمناقشة، وبحمد الله نلت درجة الدكتوراة في فلسفة الفنون في ديسمبر 2017م قدمت رسالة بعنوان المرتكزات الفكرية والتشكيلية لمدرسة الخرطوم وهي جماعة فنية ظهرت بالسودان في نهاية الخمسينيات ولازال أثرها موجودًا في التشكيل السوداني.

متى بدأ الفنان إسماعيل حسن الدخول فى عالم الفن التشكيلى ؟ ومن شجعك عليه؟
إضافة إلى اهتمامي بالموسيقى منذ صغري فقد مارست المجالين في حياتي، لدي أعمال موسيقية بآلة العود تم تنفيذها واستخدمت كثيرًا في الجانب الإعلامي والخلفيات الموسيقية التي تصاحب الدعايات، وأيضا أحرزت المركز الأول في مسابقة الأندية الثقافية بولاية الخرطوم والتي نظمتها وزارة الثقافة والسياحة بولاية الخرطوم في هذا العام.
ظهرت رغبتي في دراسة الفنون منذ صغري فقد كنت أرسم في الجرائد الحائطية للمدرسة لحين جلوسي لمادة الفنون في الشهادة السودانية وقد كنت مصرًا على أن أحرز درجة تؤهلني لدخول كلية الفنون أو كلية الموسيقي والدراما سابقًا كان اسمه معهد الموسيقي والمسرح، وقد ترددت في وضع الرغبات أيهما أفضل الفنون أم الموسيقى وحينها فضلت الفنون كرغبة أولى وبحمد الله حققت طموحي ولكن لم أهمل جانب الموسيقي فالإثنان مكملان لبعضهما.
شجعني كثيرًا أخي الأكبر وهو مغني مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية وقد كان مهتما بتطوري منذ الصغر، وهو أيضًا رسام بارع يحب رسم البورتريه كثيرًا ويعشق الأزرق. أشكره في هذه المساحة.
في ذلك الزمان كان المجتمع السوداني منغلقًا لايقبل دراسة الفنون فكان من الصعوبة لبعض الموهوبين إكمال تعليمهم والبعض الآخر أجبر أسرته على تقبل دراسة الفنون ولكن الآن تغير المجتمع وتغيرت الحوجات وأصبحت الفنون هي مرآة المجتمع وحضارته .

ماهي أول لوحة لك ؟
أول لوحة لي كانت بالألوان المائية قبل دخولي كلية الفنون كنت في المرحلة الثانوية وقد رسمت وقتها شارع المنزل السابق، يظهر فيها محل المغسلة “الغسال” وبالعامية السودانية “المكوجي” اسمه يحيى ربنا يرحمه ويغفر له .
أنت الآن فنان مشهور ومعروف محليًّا وخارج البلاد .. كيف وصلت إلى كل هذه الشهرة؟
كل من يعمل في مجاله بصدق وفكر ومبدأ يجد نفسه أمام مسئولية وتحدي أكبر، في مجالنا لابد من الاستمرار في الإنتاج الفني والعرض المتواصل وتغيير الأساليب والطرق والبحث والمواكبة، إضافة للعلاقات الإجتماعية في المجال وتبادل المعارف والخبرات كلها تقود للشهرة.
وأيضا من خلال عملي أمينًا عامًا للإتحاد العام للفنانين التشكيليين السودانيين فقد عرفت الكثير من الأجيال السابقة والحديثة وأيضا لدي صفحة على الفيسبوك تجمع كل خريجي تخصص التلوين “التصوير” ومجالنا يتيح لنا معرفة خبرات من سبقونا ومن جاء بعدنا ليكون كل فنان يحمل بصمة مميزة.
مشكلة فهم اللوحة أو غموضها بالنسبة للمشاهد ما دور كل من الفنان والمشاهد فيها؟
مشكلة فهم اللوحة إذا اتخذنا الجانبين جانب الفنان فلديه رسالة يجب إيصالها بأقرب الطرق لابد وأن يكون الفنان ملمًا بأسس بناء العمل الفني لكي توضح الفكرة العامة وعدم الخوض في تفاصيل من شأنها أن تعقد العمل الفني ويصبح مجهول الهوية وأيضا هنالك فنانين اعتادوا على الرسم التجريدي والاعتماد على الصدفة التي تولدها الألوان نتيجة مزجها مما أدي إلي إنخفاض الذائقة الفنية لدى البعض، والجانب الأكثر أهمية هو المتلقي أو المشاهد والذي في الغالب تكون ثقافته وفكره هو مصدر قراءته وتذوقه للعمل الفني فتكمن الأهمية في مدي ثقافته وملاحظته ووعيه بالتشكيل ومدارسه ومواصلة زياراته لصالات العرض وامتلاكه لعمل فني فنادرًا ما نجد من يهتم بالمعارض الفنية واقتناء اللوحات ليس لسعرها أو مكان عرضها ولكن تكمن المشكلة في المتلقي نفسه .

ما هي المدارس التي تأثر بها إسماعيل حسن في مساره الفني؟
بدأت في المرحلة الأكاديمية الاهتمام بالمدرسة الانطباعية ولكن بعدها تأثرت بالتجريدية فهي تظل مدرسة تتحمل البحث واكتشاف طرق وأساليب أخري تميز عن باقي المدارس، بالرغم من حبي وعشقي بالمنظر الطبيعي وبالألوان المائية إلا أن السؤال يظل دومًا هاجسًا لكل فنان لماذا الواقع وكيف أعبر من خلاله، فالتجريد عندي هو أساس التعبير والإنطلاق للبحث عن الذات وعن أسرار اللون.
هل حقق الفنان إسماعيل حسن ما كان يتمناه فى الفن التشكيلى؟
حققت جزءا بسيطًا حققته من تمنياتي وأحلامي في الفن التشكيلي عمومًا والتشكيل مجال واسع التفكير والتأمل، لازالت هنالك أمنيات يجب تحقيقها عن طريق الفن التشكيلي، وقبل أيام أهدي الرئيس الإرتري  جاره الأثيوبي لوحة كانت رمزًا للسلام بين البلدين واللذان مرا بحروب استمرت سنين طويلة، واللوحة للفنان السوداني الدكتور تاج الدين نور الدائم عمل مديرا للمتحف الإرتري وتم اقتناء لوحته من قبل الرئيس الإرتري.هذا نموذج بسيط عن ما يحققه الفن التشكيلي للمجتمع وللإنسانية وللحضارة بشكل عام، لا زالت الأمنيات.

ماهي الملامح والسمات الخاصة ، التي تميز الفن التشكيلي في السودان وتحدد هويته؟
الملامح والسمات الخاصة التي تميز التشكيل السوداني هي تعدد ثقافاته ومواضيعه ومدارسه فلكل منطقة جغرافية بالسودان ألوان خاصة وعادات وتقاليد خاصة ومجتمع مختلف عن بقية المناطق، ولقد كان أثر المدارس واضحًا في وضع بصمة مختلفة للتشكيل السوداني وأهمها مدرسة الخرطوم والتي لعبت دورًا كبيرًا في استلهام التراث وهذا جانب أخر يجب أن يتعرف عليه العالم وهو التراث السوداني الغني وأيضا توظيف الخط العربي. والمدرسة الكريستالية أيضا كانت لها دورًا كبيرًا في إثراء الجانب النظري للتشكيل السوداني .
ما الشيء الذي يحرك بداخلك حس الفنان لتبدع عبر الريشة والألوان؟
الحالة الإبداعية موجودة بالفطرة ولكن كيفية توظيفها التوظيف السليم، دومَا قبل البدء في أي عمل فني أو موسيقي أتأمل وأفكر كثيرًا والعمل يمر بعدة مراحل، فالبداية دوما تكون هاجسًا كبيرًا وهو كسر الحاجز، صمت الأبيض قبل الشروع في تجهيز السطح، إنها عملية قد تكون معقدة ولكن التخيل والتفكير لما سيأتي هو مربط الفرس، أحيانا تأتي هذه الحالة قبل النوم أو في الطريق وهنا يمكن القول بأنه قلق الفنان الطبيعي.
هل هناك خط أساسي يربط بين مختلف مضامين لوحاتك؟
ألاحظ الاعتماد كثيرًا علي عنصر المربع ووجوده في كثير من أعمالي أو درجة اللون الأزرق الفاتح والبرتقالي هذا من ناحية المعالجة الفنية، أما من ناحية المواضيع ومضمون العمل فدومًا أحاول جاهدًا أن يكون أي عمل فني مختلف المضمون عن الآخر، وأركز حول نقل مفردات من البيئة البسيطة “الريف” بمعالجات مختلفة .

ما هي مشاركتك في هذا الميدان على مستوى الفن التشكيلي في السودان ؟
شاركت في كثير من المعارض الفنية فردية وجماعية داخل وخارج السودان، وفزت بالجائزة الأولي في معرض بعنوان التغيير والذي نظمه غاليري ريمينار في العام 2017م، كما قدمت معرضًا فرديًا كان في العام 2006 بعنوان لوحات للحياة وقد دمجت بين مناسبة اجتماعية وفنية ليصل المعرض لأكبر عدد ممكن، وشاركت باسم الإتحاد العام للفنانين التشكيليين السودانيين في كثير من المحافل. أيضًا نفذت جدارية بكلية الفنون مبني قسم التلوين تقديرًا لدور الكلية في التعليم الفني وتخريج أجيال قادرة علي العطاء وحمل راية السودان عن طريق الفن. ونفذت العديد من الجداريات في الطرق الرئيسة والتي تعكس الجانب الثقافي والتاريخي.

كيف تقيّم الحركة الفنية التشكيلية في السودان ؟
عموم الحراك التشكيلي في السودان ينقصه التوثيق والجانب النقدي المصاحب والإعلام، وغياب الندوات يؤثر كثيرًا ولكن هنالك جيل جديد قائم على التجديد والتغيير فظهرت تجارب مبهرة جدًا ارغمت الجميع بالاحترام. أيضا جانب التسويق ضعيف للغاية في السودان نظرًا لأسباب سياسية واقتصادية. فالحكومات بالتأكيد تلعب دورًا كبيرًا في نشاط أي تجمع أو تنظيم ويمكن أن تضعه في مهامها أو تهمله تماما كما يحدث الآن بالسودان، رغم وجود وزارة الثقافة إلا أن السياسة تتدخل في كثير من الأمور وتعقدها وتصبح بلا محتوي، ولكن الحركة التشكيلية السودانية في الخارج لها ممثلين شرفوا ورفعوا اسم السودان ابتداءً بالصلحي وانتهاءً بمعتز الإمام.
ما هى مشاريعك القادمة فى عالم الفن التشكيلى ؟
في هذه الأيام أعمل على إعداد مجموعة فنية لمعرض فردي برؤية مختلفة خصوصًا لأنني توقفت وتفرغت تمامًا لإعداد رسالة الدكتوراة. كما أقوم بجمع بعض الكتابات والمقالات بعنوان تجارب تشكيلية معاصرة لطباعتها، وأيضا تسجيل بعض المقطوعات الموسيقية وتوزيعها وإخراجها.
أخيرا كلمة لمحبى الفن التشكيلى فى الوطن العربى
أشكر الأستاذ اسامه محمد لهذا الجهد العظيم المبذول تجاه التشكيل العربي، وعرض التجارب الحديثة والمعاصرة المدهشة للجميع لأن تاريخنا وثقافتنا وارثنا الحضاري غني ومتميز، يجب أن نهتم أكثر بالتشكيل من كل النواحي،  أتمني أن تنال تجربتي رضا الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*