جمال الشرق السوداني بعيون الرسام الواقعي محمد فضل

كتبه دكتور / إسماعيل حسن

0

الفنان محمد فضل مصطفى أحمد، مواليد مدينة بربر 1970م، تخرج في العام 1994م ومنح الدرجة الأولى بقسم التلوين، كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.

له تجربة عملية وخبرة طويلة في مجال التعليم فقد عمل معلمًا بمدرسة الجنينة الثانوية بنات بدارفور1995-1996م، ومساعد تدريس بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية 1997-2001م، ومتعاون بكلية التربية جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا 1999- 2001م. وأيضًا عمل بالمملكة العربية السعودية مساعد تدريس بكلية المعلمين بالجوف قسم التربية الفنية 2001- 2005م، ومساعد تدريس بكلية التربية جامعة الجوف 2005-2010م.

شارك في العديد من المعارض الجماعية أهمها: معارض البكالوريوس 1994م. ومعرض ثنائي بالمركز الثقافي الفرنسي 1996م، وفي هيلتون الخرطوم 1996م. كما له العديد من المعارض الفردية داخل وخارج السودان أهمها: معرض فردي بالهيئة القومية لرعاية الثقافة والفنون 2007م، وبمركز أم درمان الثقافي ٢٠١٤م، وبقاليري ” كيا دال ” للسيارات ٢٠١٥م، وبجامعة تسنغواي في بكين الصين ٢٠١٥م، وأيضًا في فندق مالينيوم بكين ٢٠١٦م. وبقاليري مدينة بنجو  Bingzhou الصين ٢٠١٦ م.

قال عنه الناقد الليبي الدكتور عمران بشنة : “محمد فضل فنان واقعي رسم حياة الناس ببساطتهم ومعاناتهم وأفراحهم في لوحات جماعية وصور نصفية فأعطى لكل لوحة أجوائها ومختلف مناخاتها الطبيعية ليُحسسك أنك تعيش وسط قرية سودانية وسط الناس هم أهلك وأنت واحدًا منهم، والسبب هو العرض الراقي في تناول اللوحة كمشهد لمحاكاة الواقع حدثا يمنحك الشعور بحال الناس ورغبتك في الحديث معهم لتستمع بما يدور بينهم من همسات، وما يرجونه من آمال وما يتمنونه من أماني وأحلام وحب وتعاون وتقاسم للحياة بينهم بكل يسر وبساطة .

 

لوحاته كسباق الفرسان على ظهور خيولها العربية ولوحاته العائلية من أُسر الفلاحين والأفراح السودانية، وسمر الرجال، والبورتريه ” الصورة النصفية ” والموديل الكامل للفتاة الفلاحة مثلاً، وللرجال والأمومة وغيرهم لوحات أعطاها حقها تلوينًا راقيًا مراعيًا التفاصيل التشريحية والمنظورية والنسب والأضواء والضلال والقيم اللونية الغنية والتي فتحت العين على أجواء فنية ممتعة في شكل شعبي قروي يعيش البساطة في أذواق غاية في الجمال والمتعة. كل لوحة هي قصة لوحدها، وجميعها تبين ملامح قرية وشعب وأمة لون وخط وكتل وتعبير لُيحسسك أنك لست بغريب في قرية سودانية حتما تلتقي معها في الأصول والعادات والتقاليد. ألوانه كلها على حدٍ سوا تُعطينا الحكم بأنه ملون عظيم وفنان معبر في واقعية لينقل لنا حال البيئة التي هو منها في تصوير تشكيلي رفيع المستوى. “عمران بشنه، 2018م”.

وقد وثق لتجربته أيضا أسامه فتحي بصحيفة عرب 22 الإلكترونية عن معرضه بالصين يقول الفنان محمد:” بعد معرض كيا جاء الخرطوم فنان تشكيلي صيني اسمه زاهي، وهو صاحب إحدى شركات البترول العاملة في السودان ودولة الجنوب، شاهد بعض أعمالي في معرض صغير كان قد أقيم في شهر رمضان الكريم في فندق كورنثيا، أعجب بها وقام بزيارتي في المرسم وعرض علي فكرة تنفيذ عدد من المعارض في الصين، وتنفيذ لوحات صينية كبيرة باللألوان الزيتية، وبالفعل قدم لي الزيارة للصين لمدة شهر تم فيها تنفيذ معرض في جامعة تسنغواي، وهي من أعرق الجامعات في الصين، والجامعة تدخل في العشر جامعات الأولى في العالم، ومقرها في بكين وبها كلية كبيرة للفنون، وبحمد الله وتوفيقه كان الإقبال عليه جيدًا، وعكست كل الأعمال تفاصيل الحياة السودانية البسيطة ومجتمعنا الجميل.” أسامه فتحي، صحيفة عرب 22 الإلكترونية، 2017م”.

سوف أقوم بعرض عمل واحد من تجربته الثرية يظهر مجهود الفنان محمد فضل في نقله الدقيق لدرجات الألوان وتعابير الوجوه الموجودة في العمل وقدرته على خلق منظور لوني مثالي برغم وجود الألوان الحارة الحارة التي تكتسي بها نساء الشرق “جمال سوداني خالص”، العمل منفذ بالألوان الزيتية علي كانفاس بمقاس130×200سم وهو مأخوذ من صورة فوتوغرافية تم إلتقاطها بواسطة المصور المحترف عاطف سعد في توثيقه لمدينة سنكات وإحتفالاتها بمولد الشريفة مريم الميرغنية، وقد أشار في مذكراته الشيخ بابكر بدرى رائد تعليم المراة في العصر الحديث هي الشريفة الحافظة الفقيهة السيدة مريم بنت السيد هاشم بن الإمام السيد محمد عثمان الميرغني الختم شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة. إشتغلت رضي الله عنها ببناء المساجد وخلاوى تحفيظ القران الكريم الخاصة بالنساء، حيث أسست مسجدا بمدينة جبيت وثانيا بمدينة طوكر وثالثا بمحطة السلوم ورابعا ببلدة تهاميم وخامسا بمدينة سنكات وهو المسجد التي دفنت فيه.

والعمل أيضًا ليس نموذجًا للمقارنة الواقعية الصارمة التي تلزم الفنان بالمحاكاة كما يجب فتجربة محمد وخبرته في الرسم الواقعي قد وضعته في صياغة جديدة لإختيار الموضوع ومعالجته تشكيليًا، فقد نجح في إختيار جزء من الصورة فيه تنوعًا لونيًا، وتعبيرات مختلفة لتلك الشخوص، رغم المساحة الموجودة لتوثيق تجربة الفنان محمد فضل إلا أننا نشير للمصور المحترف عاطف سعد في نجاحه أيضا بتوثيق تلك اللحظات الدينية الإنسانية الخالدة، ولا أخفي إعترافي بعالمية الصورة من كل النواحي الجمالية والتي تظهر تلك الحالات الإنسانية الفريدة بشكل عام. لابد أيضًا للإشارة بمكوناتنا الثقافية والتي يجب أن نعتز ونفخربها ونقدمها بشكل محترم.

لقد نجح محمد فضل في إختراق هذا التراث الضخم وتلك الثقافة الجمالية المتنوعة في توثيق دقيق عرفه الجميع ولازال يقدم نماذج سودانية أصيلة عملت عليه بعض المدارس التشكيلية السودانية ولكن محمد فضل نجح في صياغة هذه الثقافة الثرة بمعالجات واقعية مدهشة للجميع. ولنا أن نحتفي به مثل ما احتفينا بتجارب وصلت للعالمية هو الآن يعمل بصدق ومبدأ لهذا الوطن رغم الجراحات. سوف أقوم لاحقًا بكتابة تحليلية مفصلة أكثر عن هذه التجربة العظيمة التي تستحق الدعم والتقديم بصورة علمية للجميع، ونشر للفن التشكيلي السوداني وفنانيه على أوسع نطاق، وبالتأكيد ثقافتنا وهويتنا. ولكم التحايا العطرة.

د. إسماعيل حسن إسماعيل.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*