شرين محمود فنانة جريئة متمردة لا تعرف القيود

0

 شرين محمود،فنانة تشكيلية تعيش وتعمل بمدينة بريزبن في أستراليا،حاصلة علي بكالوريوس الفنون الجميلة قسم النحت من مصر عام ٢٠٠٠. قامت بالعديد من الدراسات وحصلت علي شهادتها في علم السعادة من جامعة يوسي بيركلي بكاليفورنيا عام٢٠١٥. أقامت العديد من المعارض الفردية و شاركت في العديد من المعارض الجماعية علي مستوي العالم.كل معرض من معارضها له حالته الخاصة و يحمل رسالة إنسانية.
من خلال أعمالها الفنيه تغوص بعمق في التجربة الإنسانية مستكشفة للتناقض ما بين هشاشة وقوة الجنس البشري. وهي فنانة متمردة، دائمة التجدد والتطور في أدواتها، تعشق التعبير عن رؤيتها باستخدام وسائط عديدة وتمزج بينهم بطرق غير تقليدية،وتشمل هذه الوسائط النحت والرسم والتصوير و فن الجسد وفن الفيديو والفن الرقمي والفن القابل للإرتداء،و كذلك فنون الأداء الحركي.

آخر معارضها الفردية معرض بعنوان”حالة ألم” الذي أقيم بمدينة بريزبن في أستراليا في فبراير٢٠١٨،وعرضت من خلاله آخر تجاربها الفنية وتضمن مجموعة كبيرة من بورتريهات ذاتية تناقش من خلالها الألم المزمن سواء كان جسديًا أو نفسيًا، وهدف المعرض هوفتح الحوار عن الألم ومدي تأثيره علي رؤيتنا لأنفسنا وعلي علاقاتنا الإجتماعية وتفاعلنا مع العالم من حولنا.
وفي هذه المجموعة ابتكرت شرين أسلوبًا جديدًا لتناول فن البورتريه يدمج عدة وسائط  في عمل فني و كيان واحد طامسًا للحدود بين الرسم وفن الجسد والتصويروالفن الرقمى. وفي يوم الإفتتاح حولت شرين نفسها إلي عمل فني وكانت إحدي البورتريهات ضمن مجموعة اللوحات المعروضة وأيضًا قدمت قطعة فنية من الأداء الحركي.كان لموقع عرب 22 هذا الحوار الشيق والممتع  مع الفنانة المتمردة شرين محمود .ماهو مصدر إلهامك و ماهي الرسالة التي يحملها فنكِ التشكيلي والتى تودين ايصالها إلى الجمهور ؟
تلهمني التجربة الإنسانية بمعاناتها وتناقضتها، ومن خلال أعمالى الفنية أعبر عنها و عن رؤيتي للحياة  بصدق وجرأة ، وأبحث في الألم بوجوهه المختلفة ومستوياته العديدة و مدي تأثيره في حياة البشرسواء بالسلب أو الإيجاب،وأغوص بعمق في المشاعر الإنسانية الدفينة، والمعاناة الوجودية واستكشف مدي هشاشة وأيضا صمود عقولنا وأجسادنا وأرواحنا  نحن البشر.
أري أن الألم يصل بيننا ،فباختلاف أشكاله هو جزء حتمي من التجربة الإنسانية ولكننا قليلا ما نتفهم ذلك، و يتخيل كل منا أنه وحيد ومعزول في معاناته  فيخفي آلامه التي هي جزء أساسي من حقيقته، كي لا يراها الآخرون، فتضيع أي فرصة لتواصل حقيقي،ويزيد بيننا إصدار الأحكام.آمل أن أكون مصدر إلهام لنفسي ولكل البشر.
أن ننزع أقنعتنا الزائفة،ونعبر عن مشاعرنا بحلوها ومرها ونعلن عن حقيقتنا بصدق، ونقبل أنفسنا بأعمق مستواياتها المشرق منها و المظلم ،حتي نعيش حياة ذات معني و يكون تواصلنا حقيقي مع أنفسنا ومع الآخرين و نقبلهم مهما كان إختلافهم عنا،نرحم أنفسنا ونرحم غيرنا ونشعر بآلامهم حتي وإن لم نتعرض لآلام مماثلة،  وفي النهاية نتوقف عن إصدارالأحكام علي بعضنا البعض،ونأخذ العالم لمكان أقل وحشة وأكثر حب ورحمة وتواصل حقيقي. حدثينا عن “علم السعادة”وهل كان للشهادة التى حصلت عليها من جامعة كاليفورنيا  بصمة فى أعمالك ؟
أهتم كثيرًا بالقراءة و البحث خاصة في علم النفس ويشكل ذلك جزء كبيرًا من عمليتي الإبداعية، وعلم السعادة كان أحد أهم الدراسات التي قمت بها، و هوعلم من العلوم الحديثة التي تبحث في مفاهيم السعادة وجذورها و تدرس كيف يمكن أن نخلق لأنفسنا حياة سعيدة وذات معني.ولا شك بأن كل تجربة أو دراسة يقوم بها الفنان تؤثر فيه و في رؤيته و بالتالي في إبداعه ،فهذه الدراسة كانت بالفعل إحدي الخبرات المهمة التي أضافت لي الكثير، أثرت في رؤيتي وفهمي للحياة ولنفسى وساهمت في رحلتي للبحث عن السلام الداخلي ، وبالتالي أثرت في أعمالي الفنية ولكنها تبقي واحدة من ضمن مئات التجارب التي  أخوضها وتؤثر في وفي عمليتي الإبداعية.النفس البشرية كما تحمل الألم والحزن هناك أيضا السعادة ..أين السعادة فى أعمالك؟
أري أن الألم والجمال وجهان لعملة واحدة.فلا شك في أن احتياجنا للفن والإبداع ينبع من الألم والمعاناة بالدرجة الأولي، والسعادة تكمن في الحقيقة، في التعبير الصادق عما بداخلنا وعن مشاعرنا و رؤيتنا ليصل ويلمس الآخرون فيجعلنا نتواصل بطرق أعمق ويشعرنا بأن الكون أجمل و أقل غربة ووحشة مما نتخيل، وفي رأيي  خلق هذا النوع من التواصل هو دور من أهم أدوار الفنون المختلفة. والسعادة في أعمالي تكمن في حالة الأبداع والتحررالتي أعيشها مع العمل الفني بغض النظر عن الموضوع الذي يتناوله ، في روحي التي أتنفسها في كل عمل من أعمالي الفنية و حقيقتي التي أحياها من خلال فني ،في الجرأة في التعبير والإبتكار في استخدام الوسائط المختلفة والألوان والخطوط لأنقل فكرة أو حالة ما ،لأنقل رسالتي.
فبالرغم من أن أعمالي كثيرًا ما تحمل ألم و معاناة في مضمونها إلا أنها في نفس الوقت مشحونة بمشاعر أخري كثيرة مختلطة ومتناقضة وألوان صاخبة مليئة بالطاقة الإيجابية و أفكار تدهش المتلقي وتحرك مشاعره، توقظه وتدعوه للتفكير والتأمل. فالفن بمختلف مواضيعه التي يتناولها من أهم وظائفه أن يحرك مشاعرنا،يدهشنا و يوقظنا. ولامفر في أن تعيش المتناقضات في نفس العمل الفني، الألم مع الجمال، الحزن مع السعادة، كما نعيشهم في الحياة.اشتهرت الفنانة شرين بألوانها الصاخبة و بورترهاتها الذاتية المعبرة التي تتضمن صور رمزية للألم ، حدثينا أكثر عن تجربتك الأخيرة في البورترية الذاتي وكيف بدأت وتطورت إلي أن ابتكرت هذا الأسلوب في التناول.
أري أن كل الأعمال الفنية هي نوع من البورتريه الذاتي بشكل أو بآخرحتي وإن لم نر وجه الفنان في العمل بطريقة مباشرة، فالفن تجربة ذاتية جدًا ينقل فيها الفنان رؤيته ومشاعره ويضع ذاته في عمله الفني ويصبح جزء لا ينفصل عنه ،و تجربة البورتريه الذاتي المباشر بالنسبة لي هي أصدق طريقة أعبر بها عن رؤيتي و اتواصل بها مع نفسي ومع من يشبهني في إحساسي،و هووسيلة أنمو و أتحرر وأعلن عن حقيقتي من خلالها. وفي بورتريهاتي الذاتية دعوة أن يتأمل كل منا ما بداخله ليفهم نفسه و يتواصل معها أولا حتي يستطيع أن يتواصل مع من حولة،ويبحث عن أدوات التعبير والأسلوب المناسب الذى يستطيع أن يعبر بها عن حقيقته.
ولقد بدأت العمل في هذه التجربة منذ أكثر من عامين بعد مروري ببعض التحديات الصعبة في حياتي، وبدأت الفكرة برغبة ملحة في أن أنقل شعوري الداخلي علي صورتي الخارجية وأن يراني العالم من الداخل كما أحس نفسي وليس كما أبدو لهم. ولم يكفيني وسيط واحد للتعبيرعن هذه الحالة ومن هنا بدأت تجاربي حتي وصلت لهذه التركيبة حيث أبدأ بوسيط ثم أنتقل إلي التالي حتي يكتمل العمل، فعادة  ما أبدأ بخلق مساحات لونية تجريدية علي لوحات من الكانفاس  وأرسم وألون علي جسدي،ثم أكون المشهد و ألتقط الصور، وبعد ذلك تأتي مرحلة الفن الرقمي ومزيد من استخدام الألوان و التلاعب في الصورو بعد الإنتهاء من العمل تأتي آخر مرحلة وهي الطباعة.ما هى العوامل التى أثرت فى رسم شخصيتك الفنية؟
كل التجارب و التحديات التي مررت بها في حياتي ساهمت في تكوين شخصيتي الفنية ،أنا إنسانة شديدة الحساسية و كثيرة التأمل، لي رؤيتي الخاصة وتأملاتي المجردة للحياة منذ طفولتي والتي دائمًا ما  تفرض نفسها في أعمالي الفنية و ممارسة الفن بالنسبة لي أسلوب حياة و ضرورة يومية تساعدني لأنمو وأتحرر وأتخطي الكثير من الصعاب.
هل يتقبل العرب أعمالك بقدر تقبلها فى أستراليا؟
لا أري فرقًا كبيرًا بين الجمهور العربي والغربي في رد الفعل تجاه أعمالي الفنية،أري أن التفاعل  تجاه أي عمل فني يرجع بالدرجة الأولي إلي مدي عمق رؤية و إحساس المتلقي وتواصلة مع مشاعره بغض النظر عن جنسيته أو نوعه.فنحن لا نري الأشياء بحقيقتها ولكن نراها بحقيقتنا نحن،فما نراه ونستشعره في الأشياء الخارجية هو مجرد انعكاس لما نشعر به داخلنا.ما هى مشاريعك القادمة فى عالم الفن التشكيلى؟                                                       
أعمل الآن في مشروع خاص جديد تحت اسم “عيش الحياة بالألوان” سيعرض في شوارع مدينة بريزبن في أستراليا في مساحة خاصه ضمن فعاليات مهرجان عالمي تشارك به مائة و ستون مدينة من ست قارات علي مستوي العالم ،حيث يحول الفنانين و المصممين مساحات مواقف السيارات في شوارع المدن المشاركة إلي ساحات إبداعية  يعرضون فيها أفكا رهم التي تلهم المشاهدين و تحثهم علي حياة أكثرإيجابية، و مشروعي{عيش الحياة بالألوان}  هدفه أن يلهم و يحمس المشاهدين أن يستكشفوا الجانب الإبداعي في أنفسهم وأن يعيشوا حياة أكثر سعادة مليئة بالألوان والتعبير الحر.
ماهي طموحاتك و أحلامك؟
أحلم أن أستمر في نشر رسالتي،وأن أساهم في أن يكون العالم مكان أجمل، فيه تحرر ونمو وحب و رحمة وجنون وإبداع.أن أكمل مشواري في تحرير عقلي وقلبي من كل قيود،و أحافظ علي الطفلة الجميلة بداخلي بكل ما تحملة من براءة و صدق و جرأة في التعبير، فإستمرار وجودها ضمان لاستمرار الحياة والإبداع.
  أخيرا كلمة لمحبى الفن التشكيلى فى الوطن العربى
 أدعو الجميع لممارسة الفن ولو بأبسط الأدوات المتاحة ففي ممارسة الفن  حياة وسعادة وأثر إيجابي وعلاجي لا حدود له .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*