سلوى عبد العزيز الشبيلي.. موسوعية الأداء من رحم الشغف

0

“أتقن القواعد كمحترف حتى تتمكن من كسرها كفنان”بابلو بيكاسو

لعل أولى المخرجات التي نستنتجها من الاستقراء المبدئي لسيرة الفنانة التشكيلية السعودية (سلوى عبد العزيز الشبيلي) هي أنها فنانة عصية على التنميط، فهي تتجول بين مسارات الفن التشكيلي بحثًا عن اللبنة البنائية التي تدعم وجود العمل التشكيلي أي كان المسمى الذي تعمل تحت اسمه، فمن بث الروح الجمالية في مجال إعادة التدوير إلى فنون الديكوباج والميكس ميديا، والكولاج ورسم المباني القديمة والرواشين الحجازية وحتى فنون الرسم بمعناه الواسع وباختلاف مدارسه نجدها دائمة التجدد، محترفة إبهار بلا توقف فعقيدتها الفنية هي الثابت الوحيد في عالمها الإبداعي وكل ماعداها هو متغير يحضه الشغف.

تتقن الفنانة (سلوى الشبيلي) لعبة توزيع الكتل اللونية في اللوحة عمقًا وامتداد لتنتج تجاربًا فنية ذات بناء معرفي لها خصوصياتها الكامنة في معادلات من الأطروحات الجمالية المحضة أحيانًا والمتجسدة أحيانًا أخرى على شكل بنى فنية لها ما يميزها من خصائص لونية، وتوجه تشكيلي، وخفايا جمالية تتوزع بحرفية على تكويناتها التشكيلية المتعددة والمتنوعة لنجدها تارة تستلهم من التراث الحضاري السعودي، وتارة تعبر عن الواقع المرحلي، وتارة أخرى تستشرف المستقبل في عملية إبداعية أقرب إلى ملاحقة الآتي بإتقان شديد في لعبة الزمن.

تستلهم الفنانة (سلوى الشبيلي) الطبيعة في مرات كثيرة وتحول مفرداتها البسيطة إلى منتج فني ثري بعناصره التي لا تبدع من فراغ فهي تستخدم الخامات والمواد الأولية وتعيد ترتيبها في بناء ذي مغزى جمالي صرف مليء بالمتعة البصرية كعملية تلقي أولي تجعلنا نتتبع تفصيلة بتفصيلة خيوط المغزى المعرفي داخل عملية تلقي أكبر وأعمق وذات جذورًا أكثر غورًا ورسوخًا، كل ذلك بأسلوب بسيط حد الشفافية بمدلولات ومعاني بعضها موروث وبعضها محصلة خبراتها الشخصية المخزنة في الذاكرة والتي تستطيع العين الواعية أن تراها تطفو على سطح أعمالها الفنية هنا وهناك.

ورغم ما نجده في لوحات (سلوى الشبيلي) من عفوية وحدسية تباغت المتلقي للوهلة الأولى إلا أنه و مع التمهل قليلا يمكننا اكتشاف وجود مخطط واعي للعمل الفني للفنانة السعودية، مخططا يجعلها تعكس قيمًا تشكيلية وجمالية ومعرفية في بناء يتجه نحو تنفيذ مرام محدد يختلف كل مرة من عمل فني إلى عمل آخر كل هذا لا يجعلنا نغفل الجانب الملهم في أعمال الفنانة سلوى الشبيلي فأحيانا لا يعرف الفنان نفسه إلى ماذا سيقوده الإلهام وكيف ستكون الصورة النهائية للشكل الذي يبدعه بين يديه الآن وهنا حتى ليكون هو أول المندهشين المنبهرين عندما يخرج الشكل النهائي إلى النور.

تحمل الأعمال الفنية لسلوى الشبيلي غير قليل من التجدد والتغيير لكنها تقوم بذلك بهدوء ودونما صخب وبسلاسة منقطعة النظير فهي تقدم فنا منسجما مع مجتمعها، تحول فيه خبراتها عبر تقنيات الرسم المختلفة إلى أعمال فنية تخرج بها من الذاتية إلى الكونية وتقدم ذلك إلى المتلقي بكل أسلوب ممكن داخل منجز فني ثري بقدراته التعبيرية الفنية عبر مهارة الاستفادة والمزج ما بين المواد والخامات في علاقات مركبة مليئة بالدلالات الفنية والرمزية لتنتج محاكاة بصرية يقرأها الرائي جمالا ومتعة ومعرفة.
الفنانة (سلوى الشبيلي) فنانة منتمية بكل ما للكلمة من معاني فهي جزء من الحركة التشكيلية السعودية الواعدة بالكثير والتي تفتخر هي بها كما أنها عضوة في “جاليري قاف” وفنانة من مجموعة “فنانات الوطن” وسيلتها في الانتماء هي القوة التعبيرية الهائلة الكامنة في أعمالها والتي تسخر اللون والأسلوب والواقع والموروث ممزوج مع العقل والعاطفة والتمكن والعفوية فالأفكار ههنا في أعمال (سلوى الشيبلي) تتشكل بجمالية مذهلة وساحرة وتظل كلمة السر فيها هو “الشغف”  الذي نطالعه دائما وأبدا في أعمالها فهي شغوفة بتطوير أساليبها الفنية، شغوفة في البحث عن المضامين الجمالية كذلك شغوفة وهي تنطلق لتحقيق هذه المضامين، شغوفة سعيًا وراء الكمال.

شاركت (سلوى الشبيلي) في عدة معارض بمصر منها (مصر هبة النيل) و (صرخة لون) و معرض (رؤى عربية) بدار الأوبرا المصرية، كما شاركت في معارض إلكترونية بالأردن ومجلة دار العربية المهتمة بالفنانين العرب، وكانت جميعها عن بعد بسبب كورونا، أما بالنسبة للسعودية فقد شاركت في مسابقه (عبدالله حمود الرشيد)، وتم بيع لوحتها بمبلغ كبير كما اشتركت بمعرض (بارت أرت) برعاية الفنانة (هدى الشهيب).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*