الفنانة البحرينية ندى الصباغ.. وهج الألم يبدع فنًا للوطن

0

“أقوى فنون الحياة هو جعل الألم تعويضًا يشفى، فراشة تولد من جديد في حفلة ملونة”، “كل شيء له جمال حتى أكثر الأشياء فظاعة” فريدا كالو

تتبلور سنة الحياة التشكيلية في تطورها مع استنباط الفنان لهمومه وآلامه الباطنية دون أن يغفل عن مشاكل وتطورات بيئته وعصره المحيطين به في علاقة جدلية تنتج مادة فنية تشكيلية تؤكد على ارتباط الذاكرة الفنية بالمشاعر الإنسانية والمنجز التشكيلي على مر العصور.

لا يحتاج الأمر لأكثر من نظرة خاطفة على تاريخ الفن التشكيلي بتجاربه المختلفة ومدارسه المتنوعة والوقوف قليلا عند أشكالها التعبيرية والفنية لنرى كيف كان “الوجع” والوعي صنوان لا يفترقان في كل المقاربات الجمالية التشكيلية التي صنعت فارقًا في تاريخ الفن.

ونحن على أعتاب الدخول إلى عالم الفنانة البحرينية التشكيلية (ندى الصباغ) كان هذا التمهيد “فعلا ضروريا” لفنانة أصبح الفن أنيسها الوحيد وملجأها المريح الذي وجدت فيه العلاج الروحي لكل ما تعرضت له من حوادث أليمة.

وفي هذا السياق ربما تكون هذه الكلمات الافتتاحية رائعة البساطة للفنانة التشكيلية المكسيكية (فريدا كالو) هي خير مدخل إلى ذات الفنانة التشكيلية البحرينية (ندى الصباغ) التي لطالما عبرت عن تأثرها بهذه الفنانة المكسيكية أسطورية الألم والموهبة والمعاناة.

رغم تعدد الجوانب للتجربة الفنية التشكيلية للفنانة (ندى الصباغ) إلا أننا لا نستطيع أن نقف قليلا عند فعل الألم والمعاناة الإنسانية البادي الوضوح في منجزها التشكيلي الواسع، فقد استطاعت أن تحول المعاناة من شعور إنساني كامن ومحبط بل ومعوق للذات البشرية إلى واقع فني وخطاب تشكيلي مبهر يقود إلى مدلولات إبداعية ذات طابع شاعري ورمزي تلخصها الفنانة داخل إطار كل عمل فني وكل لوحة من لوحاتها استنادًا إلى ذاكرة بصرية مثقفة ومطلعة وواعية ليس فقط بما يموج داخل نفسها ولكن بكل ما يحيط بها حتى مدت الخيوط الفنية ما بين الوجع الشخصي وآلام وهموم الوطن الكبير الذي تعشقه مما شكل دافعًا ومحركًا لفعلها الإبداعي من ناحية وجعلها بلوحاتها مؤرخًا تشكيليًا مؤسسًا لما يمر به شعبها ووطنها وعالمها المحيط.

يتجلى الجانب الوطني في أعمال (ندى الصباغ) في ميلها الأبرز للمشاركات في المعارض والمسابقات التي تتطلب رسم لوحة فنية لهدف معين ورسالة معينة -كما تؤكد هي- فالرسم لهدف معين محبب لها بل ويشكل تحديًا للإبداع والتنوع وهي بهذا المفهوم المسؤول للفن تقدم لوحاتها وأعمالها الفنية كجزء من ثقافة ناسها وحياتهم اليومية وتراثهم أيضًا وبالتالي نلحظ داخل عوالمها الفنية التشكيلية تعبير عميق عما هو مخزون في اللاوعي الجمعي من انفعالات وأحاسيس وأفكار واتجاهات وبهذا المعنى لا يكاد عمل فني لها يخلو من رسالة وهدف.
وبقدر مسؤولية الرسالة في الأعمال الفنية لندى صباغ يكون حرية الأداء وعدم التقيد بمدرسة بعينها من مدارس الفن التشكيلي فهي تتنقل ما بين حركات الفن التشكيلي بحرية ورشاقة مثل فراشة فحين تضع تصنع الإبصار في مكان أعلى من المعرفة، وحين تهتم بتسجيل الظاهر الحسي من المحيط البيئي، وحين ثالث تنتقل من مفهوم الكتلة داخل اللوحة إلى مفهوم الطاقة كما نجد في لوحاتها تكثيفًا لعنصر الحركة لتستبدل به البعد الزماني لذا نجد داخل تكويناتها الفنية حساسية عميقة بالحركة لتدمج داخلها بعدي الزمان والمكان بحرفية عالية تميل ناحية المدرسة الوحشية أحيانًا ومغلفة بمفردات المدرسة الرومانسية أحيانًا أخرى.

تتميز أعمال (ندى صباغ) بأسلوب خاص يجمع ما بين البساطة والتجريد والترميز أحيانًا كما تعتمد أحيانًا على أساليب البورتريه في حين تطغى على لوحاتها التباينات اللونية الواضحة، كما أنها تلجأ في بعض الوقت إلى استخدم زخارف ذات طبيعة إسلامية ولكن أي كانت المدرسة الفنية أو الأسلوب الذي تلجأ له فإن أعمالها الفنية على اختلافها تحقق عنصر المتعة للمتلقي فمن غير الممكن أن ترى أعمال (ندى الصباغ) إلا وتمتلئ نفسك بالمتعة والرضا فاللوحة لديها هي مزيج متضاد من الكلي والجزئي، العام والخاص، الألم والمتعة تضعه هي في تشكيل جمالي موحد ممهور بتوقيعها (ندى الصباغ).
تطمح الفنانة (ندى الصباغ) في المستقبل إلى افتتاح معهد لتقديم ورش الرسم والأعمال اليدوية للأطفال وإقامة دورات لمناقشة دور الفن في العلاج النفسي كما تطمح وتستعد لإقامة أول معرض فني شخصي لها.

حصلت (ندى الصباغ) على عدة جوائز من خلال مشاركتها في معارض كثيرة كمعرض الأيام، ومعرض جداريات لمستشفى خاص بالطب النفسي ومعرض الفن التشكيلي، كما حصلت على عدة شهادات تقدير من قبل مسابقات كالتي أقيمت في مركز العاصمة برعاية الشيخة سبيكة آل خليفة، وشهادة تكريم من معرض التسامح والتعايش بين الأطياف الدينية في البحرين، ودرع وشهادة حصلت عليهما بعد المشاركة في معرض قوة دفاع البحرين.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*