عرب 22 في حوار مع الفنانة التشكيلية صفا الجبوري

0

صفا الجبوري، عراقیة، وُلدتُ في (الرصافة) وعشتُ في (الكرخ) من مدینتي المدورة بغداد، بغداد التي تغنى بها القریب والغریب وجمعت بین زوایاها المدورة، تاریخ حضارات و عصور، فلا مثیل لها بین مدن الأرض، حملت وابتكرت بین مسامات الأیام (فنون و علوم)، فنون غزت الأرض، وكل حقبة كان لها سحرها الخاص، تشعبت بین أسالیب الفن الإسلامي لما یحمله من زخارف نباتیة وهندسیة؛ لتكون تناغم غیر منتهي الجمال، أخذت أفكاري الأولى من هذة العناصر وقدمتها بشكل عصري مع الأشكال التعبیریة في بعض أعمالي والتي استخدمت فيها الحبر والألوان المائیة، أما أعمالي الأخرى من الألوان المائیة فقد قدمتها بأسلوب واقعي بالتركیز على إظهار التفاصیل، أما ما یخص أعمالي بالحبر والتي أمیل لها في الكثیر من الأحیان؛ لأنها تدخل في حیز التصمیم وهذا تخصصي منذ البدایة فالأعمال تأخذ طابع الاختزال بأسلوب رمزي بالتركیز على مضمون واحد، في نهایة الأمر هي استمراریة في مد فنوننا إلى الغرب بطریقة خاصة كجسر من المحبة والتعریف عن هویتنا بعیدًا عن التكرار.
التحصيل العلمي :
دبلوم/ معهد الفنون الجميلة بغداد، الأولى على المعهد.
بكالوريوس، كلية الفنون الجميلة بغداد، قسم التصميم.
دبلوم ،ART، من كلية DVC ،كاليفورنيا.
عضو نقابة الفنانين العراقيين.
عضو مؤسس،دار لين للفنون، بغداد.
عضو مؤسس، قاعة برونز للفنون، بغداد.
اقتربنا من تجربة الفنانة صفا الجبوري لتحدثنا حول بداياتها الفنية التي انطلقت منها إلى عالم الفن التشكيلي. فكان لـ (عرب22) معها هذا الحوار :
كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي؟
اختلفت الآراء بين إن كان الرسم موهبة فطرية أم خبرة مكتسبة، لكن بالأساس إن لم تكن هناك موهبة فيسكون تعلم الرسم أصعب، لم يكن هناك تاريخ محدد عن بداية حبي للرسم فمنذ الصغر وأنا أرسم كباقي الأطفال؛ لكن بشغف أكبر وإعطاء وقت أكثر للرسم وكانت أسرتي في تشجيع دائم دون إعتراض وبالأخص والدتي، كانت حريصة جدًا على تسجيلي في دورات خاصة بالرسم في قاعة الأورفلي، بغداد، ولم يكن اهتمامي في الرسم فقط، بل سجلت دورات خاصة في الموسيقى مثل البيانو والعود، كانت خلال الدراسة في الإبتدائية والمتوسطة، بعدها دخلت معهد الفنون الجميلة ببغداد.
كيف وجدتي الرسم؟، وكيف يمكنكِ مزج دراستكِ بالرسم؟
الرسم هو فن مرئي وعلاقة بين الشخص والقلم والورقة؛ لترجمة الأفكار بأساليب مختلفة، لهذا هو يعد مقياسًا لمهارة الشخص، بالنسبة لي هو أسلوب حياة متجدد لا حدود له وعالم خاص لا يمكن أن يتأثر بتغيرات أو أحداث لأنه وسيلة تعبير ثابتة، حبي للرسم جعلني كثيرة البحث والاطلاع على كل ما مر به الرسم منذ فكرته الأولى وعلاقته بالحضارات على مرور الزمن، لهذا كان مشوار الدراسة له الفضل في التطلع واكتساب خبرات ومفاهيم وأسس ساعدت كثيرًا في صقل موهبتي.
ما هي طقوسكِ وانتِ ترسمين؟ وعن ماذا تتحدث معظم رسوماتكِ؟
لا أملك طقوسًا معينه؛ لكن أحرص على أن أخطط أي فكرة تحضرني باللحظة فأنا كثيرة الانتباه والتدقيق في التفاصيل، رسوماتي منذ دخولي إلى معهد الفنون الجميلة وهي مزيج بين تقديم الماضي بصورة عصرية، أي دمج الخط العربي والزخرفة بأفكار حديثة بعيدة عن التكرار، لهذا كل رسمة تحتوي على مجموعة عناصر تتخللها بعض الخطوط والزخارف دون قيود وأحرص دائمًا على تقديم مفردات من التاريخ والحضارة في رسوماتي لم تأت من فراغ بل من مشوار طويل من الدراسة واكتساب المعلومات.
ما هي طموحاتكِ في مجال الرسم؟
طموحي الدراسي لم ينته بعد، عندما تخرجت هنا كانت بداية جائحة كورونا وكنت حينها قد قدمت على دراسة الماجستير؛ لكن تم تأجيل الموضوع أكثر من مرة لصعوبة الإلتزام بالدوام، مع هذا الفكرة قائمة لحين الوقت المناسب إضافة إلى طموحي في تدريس الرسم خاصة كان لي تجربة سابقة في مجال التدريس في معهد الفنون الجميلة ببغداد وهنا أيضا في إحدى المدارس.
هل تعتقدين أن الرسام أصبح شريكًا للمؤرخ في توثيق الأحداث ؟
الرسم والفكرة هي وليدة اللحظة، أي ناتج في بعض الأحيان عن التأثر بأحداث ومواقف عالمية أو محلية؛ لذلك الفنان له تأثير مباشر على المتلقي وله مساحة واسعة للتعبير عن أمر معين، أشهر الأعمال الفنية تحتوي على فكرة لموضوع معين يعبر من خلالها الرسام عن الحدث، لهذا تقع أيضًا على عاتقه نقل الصورة دون تشويه أو تحيز.
كيف ترين الفن التشكيلي العراقي اليوم ؟
الفن التشكيلي العراقي دائمًا حاضر في الصدارة طول مسيرته، فأنا أركز على الإيجابية دائمًا، في كل المراحل كانت هناك هفوات؛ لكن لا يبقى سوى المحب والمدرك لأهمية الرسم، اليوم الانفتاح والسوشيال ميديا قربت وجهات النظر وابعدت البعض؛ لكن قدمت نوع من الإدراك للتعرف على أساليب وطرق جديدة في الرسم تكون مفيدة للفنان والموهوب؛ ولكن مادة جاهزة لبعض المتصيدين أو مايسمى في الوقت الحاضر بسرقة الأفكار،  أنا لا أعير أهمية لهذا الأمر، لأن الفنان الحقيقي يكون صاحب الأفكار المتجددة دون توقف، وأنا مشجعة دائما كل من لديه موهبة على أن تكون ضمن ثقافة الرسم وإدراك معنى اللون وأسس الرسم، لأن الموهبة والثقافة الفنية يكمل أحدهما الآخر، من الضروري جدا التعرف عن نشأة الفن والعوامل والأسباب ومدارسه، لأن الفن ليس مجرد ألوان وورقة وفكرة مكررة أو شيء لا على التعين.
هل تخططين للوحة أم ترسميها فقط؟
أنا أخطط دائما قبل الرسم، فهي تسمى بـ (underpainting)، التخطيط للفكرة أو العمل ومن ثم تأتي مرحلة تنفيذ الألوان.
من أين تحصلين على أفكاركِ؟
أنا متابعة وحريصة وبشكل يومي على سماع ما يدور من أحداث تخص بلدي والعالم، لذلك أترجم أفكاري ممزوجة بالحدث في أكثر أعمالي، وأنقل دائمًا ما هو جميل دون انتقاد أو المساس بأحد.
شاركتِ في العديد من المعارض الفنية، حدثينا عن أهم هذه المشاركات؟
حرصت على المشاركة في جميع المعارض خلال فترة دراستي في معهد الفنون وكلية الفنون الجميلة وأيضًا دراستي للرسم هنا وشاركت في جميع المعارض في بغداد بين سنه ٢٠٠٤ إلى ٢٠٠٦، وكانت لي مشاركات في معارض افتراضية أيضًا، وقد حصلت على المركز الثاني في معرض الطلاب خلال دراستي للفن هنا من كلية DVC /كاليفورنيا، على سنتين متتاليتين ٢٠١٩ و٢٠١٨، شاركت مؤخرًا في معرض بأربيل شمال العراق ومعرض في جدة مع مجموعة من الفنانين والفنانات السعوديات والوطن العربي ( رقمات جدة  ٢٠٢٢) وكانت تجربة جميلة جدًا ومعرض مشترك ناجح وإن شاء الله في المستقبل لي مشاركات قادمة.
ما المعرض الجديد الذي تستعدي له حاليًا؟
إن شاء الله في صدد إقامة معرض شخصي، إضافة إلى استكمال دراسة الماجستير في الفنون.
ما هي الألوان التي تجذبك في الرسم؟
أكثر الألوان القريبة هي الأسود والأبيض.ما هي آخر اعمالكِ(لوحاتكِ )؟
أخر أعمالي ركزت من خلالها على تفاصيل النقوش الهندسية والنباتية في الأبنية والمنازل التراثية في بغداد، فكانت تستخدم للتحلية والتزين حسب كل مرحلة، أدرجت الكثير من تفاصيل تلك النقوش وأسلوب البناء المختلفة الذي يعتمد على إدراك الفنان في تلك الحقبة، لكن قدمتها بشكل عصري أكثر من خلال دمج الأشكال والخطوط وبين الواقعية والخيال، أعتمد أكثر في رسوماتي على استخدام الألوان المائية أو الحبر، ودائمًا أحرص كل عام على رسم تفاصيل الخريف.كيف أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في دعمك بمجال الرسم؟
أنا لا أنكر أن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم لها التأثير الأول وبشكل يومي على المتلقي وتقديم المحتوى بصورة سريعة؛ لكنها سهلت عملية التواصل والتعرف على الفنون في جميع أنحاء العالم، أنا لا أفكر بطريقة الدعم أو الأبعاد بقدر ما أقدمه من أعمال تكون مميزة ومتجددة، صفحتي الخاصة بأعمالي متاحة للجميع لزيارتها، لهذا أشكر كل من شارك أعمالي بمواقع للفنون أو خاصة، يمكن اعترف أنني مقصرة من ناحية الظهور بشكل دائم؛  لكنني أحرص على عرض أعمال وأيضا بسبب ما يدور في السوشيال ميديا هذه الأيام بالتركيز على الشكل أكثر من المضمون، لكن هناك الكثير من  المتلقين  المثقفين والمدركين للفن الحقيقي ولهم الخبرة في تقدير الفنان وأعماله حتى وإن كان هناك نقد لكن في بعض الأحيان يكون إيجابيًا ومبني على أساس لذى يجب التفريق بين النقد والانتقاد .
ما هو أثر البيئة العراقية على لوحاتكِ؟
لها تأثير جدا كبير، خاصة أني خصصت مجموعة كبيرة منها لموضوع الأهوار وقدمتها بأسلوبي الخاص وأيضا الآثار حضارة وادي الرافدين لها حصة كبيرة في أعمالي السابقة والحالية، أحرص دائما على تسليط الضوء على كل ما يخص البيئة العراقية بأسلوب مختلف وبعيد عن الرتابة والتكرار مكونة فكرة متكاملة بين اللون والشكل والخطوط والزخارف، البيئة العراقية غنية جدا فهي متعددة التقاليد والعادات وذات حضارة عظيمة وتراث جميل .
كلمة أخيرة تودين أن تصل لمحبي الفن التشكيلي في العالم؟
الرسم هو أسلوب حياة وانعكاس للأفكار، تعتمد على الشخص كيف سينقلها للمقابل بطريقة صحيحة مبنية على أسس فنية وجمالية، يجب أن نقدر ونفهم لكل فنان أسلوبه الخاص والقمة تتسع للجميع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*