“ما وراء اللوحة” معرض ضافى للفنانة التونسية لطيفة بيدة

16/2/2020

0

د. فوزية ضيف الله، تونس
احتضن رواق الفنون ببن عروس، تونس، يوم 14 فيفرى 2020، برعاية المندوبية الجهوية للثقافة بن عروس، وبإشراف مديرة الرواق السيدة نزيهة صولى، ومجموعة هامة من الفنانين التشكيلين، افتتاح  المعرض الشخصي  للفنانة  التشكيلية لطيفة بيدة، تحت عنوان “ما وراء اللوحة” (Au delà de la peinture). غزت لوحات الفنانة لطيفة بيدة -التى فاق عددها الأربعين لوحة – المكان والزمان-، وارتسمت شاعرية المعانى ورمزية الألوان لتعكس عوالم  من الفن والفكر وشذرات من الحياة . احتوت هذه اللوحات جملة من المعانى الإنسانية فى إحالتها على معاناة الإنسان عامة وعلى معاناة المرأة فى صيغتها المطلقة.وقد تطرقت إلى مواضيع هامة يعبر عنها عادة الشعراء بالقافية والفنانون باللحن، لكنها اثبتت أن الفن هو الأقدر على مناجاة الروح وتحريك سواكن النفس، فقد طوعت الألوان والأشكال لتعبر عن كل ما يحس به الفنان والإنسان راهنًا من قلق وغربة وحب وتفاؤل وألم، بل إن لوحاتها تعكس مراوحة الإنسان بين الشعور بالقلق والرغبة فى الانتصار عليه. ولئن غلب الجانب الروحانى على اللوحات، فإن ذلك ساهم فى تغذية روح المشاهد للمعرض بنكهة جديدة، بمثابة الموسيقى المنبعثة من أعماق الفنانة.

إن لطيفة بيدة، لا ترسم من فراغ، بل إنها توظف خبرتها فى الحياة، تجعل المعنى المتدفق فى اللوحة يعبر روحها جيئة وذهابًا. وقد يصيبها القلق أثناء الرسم، فتترك اللوحة، لكنها تعيش معها رغم ذلك البعد، تتذكرها، تحرص على إحيائها من جديد، فتعود إليها عندما يمتلئ حسها بالمعنى، فترتسم المعانى فى روحها، فتحاول أن تتتبع ذلك المعنى المبحوث عنه بألوانها، وفرشاتها. إنها تعاشر لوحاتها، تخاطبهم بلغة الاحساس المرهف، وتعزف لحنها على أوتار أوجاع أو أفراح، تغزل منها ما طاب من اللوحات.

إنّ الفنانة لطيفة بيدة فنانة شاملة، تتقن فنون الرسم على جميع المحامل، الفسيفساء، كما أن لها تجربة ضافية فى مجال الحرف اليدوية بأنواعها وقد حازت على جوائز عالمية فى هذا السياق. لقد استفردت بمقام خاص جعلها مبدعة فى سياقات فنية متنوعة، ولكنها تبدع  بالروح نفسها وبالإحساس نفسه.

تجمع لوحاتها بين التشخيصى وشبه التشخيصى، الواقعى، الانطباعى والتجريدى. غير أن جل اللوحات يمكن اعتبارها منتمية إلى المدرسة التشكيلية. وقد اتقنت الفنانة التمرس بالفن التجريدى رغم تعسره عمليًا، خاصة وأنه يعد أقوى وأعسر المدارس الفنية. تتميز الفنانة لطيفة بيدة بقدرة فائقة على تطويع الألوان، وتغطي لوحاتها بطبقات مكثفة، ولا تكف عن مغازلة فرشاتها إلا إذا صارت اللوحة متوافقة مع المعانا المبحوث عنها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*