كيف اختارت المخلوقات ألوانها؟ سيف الدين لعوتة

لوحة و فنان:د. أحمد عامر جابر، لندن، سبتمبر 2018

0

امتازت ستينيات القرن المنصرم باتقاد شرارة الإبداع التشكيلي في سودان ما بعد الإستقلال (1956) بظهور “مدرسة الخرطوم”،التي يرجع فضلها للخطاط عثمان وقيع الله وتليميذيه، إبراهيم الصلحي و أحمد شبرين. جذوة هذه الشرارة امتدت إلى سبعينيات القرن لتلقي ببعض أثارها على نفر من أجيال مختلفة من التشكيليين السودانيين آثر بعضهم التمسك بها إلى اليوم. بعض هؤلاء ركن إلى فكرها (الهادف إلى استلهام التراث الأفريقي النوبي المحلي و مزاوجته بالعربي الإسلامي الوافد) و بعضهم إلى أسلوبها و آخرون جمعوا بين الأثنين بينما هجرها روادها إلى غيرها كل على طريقته. غير أنه كتطور طبيعي و ضروري كان هنالك من تمرد على نهجها و جاء بفكر مغاير نظر له و مارس فنه على هديه بل أصدر بيانات تأسيسية.

سيف الدين لعوته أحد الذين تمردوا و مع أنه لم يصدر بيانًا أو ينادى بمدرسة إلا أنه ظل يعبر عن نفسه كفنان حر منفتح على التراث الإنساني لاسيما “المعلوماتية”  التي يراها ضرورة و عنده أن الفن غاية و ليس أسلوب حياة فقط. بمعنى آخر إنه يعيد الأذهان إلى مقولة “الفن من أجل الفن”. بهذا الفهم استطاع لعوته أن يجمع حوله الكثير من الفنانين و قد لعب دورًا بارزًا في الحراك التشكيلي السوداني في ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي حيث لفت أنظار السودانيين بل الأقليم بإبداعه. لقد استطاع فناننا أن يمد جسور صداقات مع مبدعين خارج حدود بلاده مثل الفنانين المصريين المعروفين، حلمي التوني، محي الدين  اللباد و غيرهما شرقًا و غربًا. أقام لعوتة عددًا من المعارض الفردية بجانب الجماعية و ورش العمل في داخل السودان و خارجه كما نال العديد من الجوائز. فوز عمله “كيف أختارت المخلوقات ألوانها؟” بجائزة “نوما” العالمية الكبرى لرسوم كتب الأطفال شكل إضافة مهمة له و مهد لغيره في السودان و المنطقة.
كتب كثير من كبار الفنانين و النقاد أمثال البروفيسور الفنان شبرين و البروفيسور المؤرخ  أحمد الطيب زين العابدين عنه لا سيما بعد حصول عمله الذي تحفز قصته على المثابرة و العمل بمبدأ التنافس الشريف “من يأتي أولاً يُخدم أولاً”. يقول الفنان الياباني، دياهاشي أوهتا، أحد أعضاء لجنة التحكيم في حيثيات منح الجائزة: “كيف أختارت المخلوقات ألوانها؟ لسيف لعوته (السودان). هذا العمل كان الأكثر تأثيرًا بين كل الأعمال. حيوية شخصياته و استخدام التقنية، التي عكست تنوعًا غنيًا في الألوان وحركة الأشكال، خلقت مجتمعة أثرًا فاعلاً في العين. إنه عمل جدير بمنح الجائزة الكبرى.” (كاتلوج مسابقة جائزة نوما العالمية، رقم 9، لرسوم الكتاب المصور، الصادر عن المركز الثقافي الأسيوي/الباسيفيكي لليونسكو، طوكيو، اليابان، 1995).

واحدة من صور أخرى نشرت في كتاب للأطفال بعدة لغات

أطفال صينيون يرحبون بسيف لعوتة في بكين/ الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*