حوار مع الخزَّافة الكويتية أمل الجفيرة ومسيرة فنية حافلة

0

فن الخزف له دوره الكبير وسط باقي مجالات الفنون التشكيلية، حيث استخدمه الإنسان في تشكيل أدواتهم المنزلية، وظل الفنانون يمارسونه حتى الآن، فتقام له المعارض وخرج منذ زمن بعيد من طابعه الاستخدامي فقط ليدخل في مجال التعبير عما يجيش بأحاسيس الفنان.تزاوج  الفنانة أمل الجفيرة بين التدريس والفن، وتحاول أن تنقل الأسس المعرفية لطلابها وفقا لما يصنعونه من إبداعات فنية ذات صيغ جمالية.أردنا في هذا الحوار أن نقترب أكثر من تجربة الفنانة أمل الجفيرة عبر أعمالها وما نتج عنها من قيم فنية وفكرية هامة فكان الحوار نافذة نطل منها على سيرتها الفنية وجوانبها الفنية والجمالية .

بداية من هي الفنانة التشكيلية أمل الجفيرة؟
أمل ناصر الجفيرة، فنانة تشكيلية، كانت تحلم في يوم من الأيام أن تكون لها بصمة بالفن وأن تعرض أعمالها بالمعارض، انطلقت الطموحات منذ الصغر وتمثلت في رسومات بسيطة كانت ترسمها كدمى تلعب بها يوميا هي وتوأم روحها الفني أختي رفيقة دربي بالتخصص والهواية (سعاد)، كانت طفولة كلها فن تبدأ بالرسم واستخدام الطين الصلصال ونصنع لأنفسنا عالمنا الخاص.
وكانت تصقل هذه الهواية الأم التي كانت تدعمنا بعمل أشكال بسيطة بالطين الصلصال ومنها كانت الانطلاقة في عالم الفن، تطورت الموهبة بالمدرسة وكان لتشجيع المعلمات لما أقوم به من أفكار ورسومات مختلفة وأحيانا مضحكة بسبب المبالغة بالتعابير الفنية أثره البالغ فى بداياتي.
التحقت بكل عزم بكلية التربية الأساسية لصقل الموهبة وكانت المواد الأقرب إلى نفسي وقلبي رغم المشقة الكبيرة؛ هي الخزف والنحت ومنها كان التشجيع الكبير للأستاذ (محمد رسمي) أستاذ النحت في كلية التربية الأساسية والأستاذ (خزعل القفاص) وغيره من الأساتذة الداعمين لي.

بعد التخرج عملت معلمة ولكن ليس هذا هو الهدف؛ كانت هناك طموحات أكبر وكنت أرغب بالانطلاق وإظهار الفن لدي وإطلاع العالم عليه، ظل الفن محدودا في إطار المدرسة ووزارة التربية وكانت هناك بعض المعارض والإبداعات الفنية منها عمل ورشة للأسلوب القصصي بالتدريس وكانت هذه بذرة الانطلاقة.
ثم ترشحي للحصول على دورة للخط في أحد المدارس لدى أحد الأساتذة، كانت الدورة غير مستهواة لدي لأنني لا أبحث عن تحسين خطي فقط؛ بل أبحث عن انطلاق فني؛ ولكن وكعادتي أعشق التميز والمغامرة  مما جعلني متميزة عن غيري في هذه الدورة التي شدت الانتباه لي وجعلت أكبر أساتذة الفن والخزف يقوم بتوجيه عدة أسئلة لي وهو الأستاذ (محمد قائد) حيث قال لي: هل  عرضت بمعارض بالكويت؟ هل هنالك أستاذ أو موجه متبنيك فنيا ؟ فقلت لا لا أعرف أي شي عن هذه الأمور ولكن أنا طموحي أن أعرض أعمالي وأن أكون فنانة.
تعرف الأستاذ (محمد قائد) على كل هواياتي ومن ضمنهم القصص وبعد فترة قام بدعوتي للحضور لمركز مشرف للناشئة ومنها رُشحت لإعطاء دورة للأطفال في مجال الخزف ثم إعطاء دورة خزف أخرى في المركز الحرفي وانطلقت لي عدة دورات ومعارض وكانت هذه هي بداية انطلاقي بعالم الفن، وأصبحت الآن رئيسة قسم التربية الفنية، معلمة خزف، مدرب معتمد في التنمية البشرية، حاصلة على شهادة من البورد الأمريكي، مشرفة فريق (لآلئ كويتية)، عضو لجنة الفنون التشكيلية بنقابة الفنانين والإعلاميين، عضو في بيت الخزف الكويتي، عضو في المركز الحرفي التراثي، عضو في فريق Breathcreativity. للدورات والمعارض الدولية والعالمية.
حدثينا عن تجربتك في فن الخزف، ومراحلك المختلفة؟
الخزف شغف كبير ومتأصل لدي منذ الطفولة وبرز أكبر في كلية التربية حيث لم أكن مثل غيري من الطالبات مجرد مادة تتم دراستها والرغبة في إنهائها بالعكس كنت أستمتع وأنا أبحث عن الفكرة ثم التخطيط، فالعمل والإبداع بشكل مميز يجعل الأستاذ يحتفظ بالعمل ويعرضه لكل زائر يزورنا في ورشة التدريب مما جعلني أعشق الخزف والنحت بشكل أكبر لدرجة أنني كنت اصطحب الأعمال معي للمنزل و الاستمتاع وهي معي بالجلوس مع عائلتي والعمل أمامهم والحديث معهم فهي كانت الرفيق الذي لايفارقني لدرجة غيرة كل من حولي من هذه الطينة التي لا أتركها أبدا.
بعد التخرج انتقلت للتدريس بالمرحلة الإبتدائية وكنت أُعلم الطالبات على الرغم من صغر سنهم الأعمال الخزفية، ثم جاءت دعوة من عملاق الخزف للعمل بدورة الخزف فبرزت كعادتي في مجال النحت فقمت بعمل الكندري ثم الغواص وقمت بعرضها بالمعرض السنوي للدولة ومن هنا تطور الفن ومراحل الخزف لتنتقل إلى مرحلة الاحتراف والإبداع وعادة الفنان بأعماله الفنية التي تكون نابعة وصادقة من داخله لكل ما يتعرض له من مشكلات فهو لا يتكلم أحيانا بل يترجمه لعمل فني ليروي لكل من يشاهد العمل على جمال ترجمة الإحساس وتوالت الأعمال الخزفية وفي كل عمل كنت أنتقل إلى مرحلة أعمق وأتعلم من خلالها أساليب للخزف جديدة ومتطورة.
فكانت البداية في نحت الشكل بكل تفاصيله والتركيز على جماليات التأثيرات في الأشكال التي تبرز العمل الفني وذاك عن طريق الطيات أو الايماءات أو حركات مختلفة ومميزة للعمل الفني وكان هناك دائما أعمال أحب أن تبرز هويتي النابعة من تأصيل الماضي واستخدامه بالأعمال الفنية مثل عملي الكندري بعنوان تعبت والصياد بعنوان ولاء.
انتقلت بعد ذلك لبعض الأعمال التي تترجم إحساس المرأة ومشاعرها المتمثلة بعمل (الحياء) و(عازفة الناي) ثم انتقلت للتعبير بطريقة أخرى رمزية وتمثلت بالعمل الفني (شموخي) بعد ذلك اتجهت إلى الرمزية بالأعمال واتخذت ذلك من جزيرة فيلكا حيث قمت بعدة أعمال متنوعة تمثلت بجداريات ومجسمات وكان أبرزها عمل (شراع الخير) و(أميرة فيلكا) والذي شاركت بهم بعدة معارض وتم الحصول على جائزة تشجيعية عليهم.فن الخزف له تاريخ عريق، هل لازلنا مهتمين بهذا الفن عربيا ومحليا ؟
نعم فن الخزف عريق جدا فهو ينقل كل المراحل التي مضت عبر العصور وذلك لقوته وقدرته الكبيرة على تحمل كل عوامل التعرية ولكن للأسف لايوجد اهتمام كبير بوقتنا الحالي لهذا الفن.
ماهي المواد الخام التي تستخدمينها وماهي مراحل إبداع عمل فني متكامل ؟
المواد الخام المستخدمة هي الطين الأحمر أو الرمادي الانجليزي وفي أخر الأعمال تم إضافة الحديد والسلك المعدن لإكمال العمل وإخراج الفكرة . فالعمل الفني يبدأ بفكرة تنبع من موقف مفرح أو محزن أو شعور عاطفي أو مشكلة يمر بها أو من مشاهدة لأعمال سابقة أو من معارض يتم بلورتها في ذهن الفنان وتتبلور على حسب ثقافته فيقوم بعمل فكرة تترجم ما بداخله من مشاعر وأحاسيس صادقة ونابعة من داخله وما يتمناه بتحقيقه أحيانا فهو بذلك يريد إيصالها للمشاهد المتذوق لهذا الفن وملامسة المشاعر التي في بعض الأحيان لا يستطيع الشخص التعبير عنها فهو يفرح إن رآها أمامه مترجمة بعمل فني سريع الوصول إلى الذهن ومتنوع المشاعر ثم يترجم إلى تخطيط بالقلم ثم إلى عمل فني أحيانا مسطح كجدارية (أمل وحياة) و(قائد الإنسانية) و(شراع الخير) و(أميرة فيلكا) أو بالمجسمات المتنوعة مثال عازفة ورباط الأخوة و الحورية و صراع من أجل البقاء وغيرها .ما السبب في قلة فناني الخزف في العالم العربي ؟
 الفنانون كثيرون وفن الخزف فن متأصل منذ القدم ولكن لجهل بعض المجتمعات بهذا الفن و تدهور الحالات المعيشية لبعض الأسر والعالم العربي أصبح التوجه الأكثر لاستخدام المادة الخزفية فقط لسد حاجه الفرد في حياته اليومية من مأكل ومشرب واستخدامات منزلية والاستفادة القليلة من استخدامها بالتزيين ولشح بعض الخامات في بعض الدول وغلاء بعضها وأيضا عدم وجود الأفران الخاصة لحرق الأعمال كل هذه عوامل أدت إلى إبراز القليل من الفنانين وأيضا عدم تقدير الدولة ودعمها للفنانين في هذا المجال وصعوبة التنقل ونقل العمل الفني بالمعارض الدولية أدت إلى قلة الفنانين الخزافين ونحن الآن نحاول إبراز دور هذا الفن عن طريق عمل الورش المتنوعة والمعارض وفتح بعض الأماكن التي تشجع على هذا الفن.

ماهي أهم المعارض المحلية والدولية التي شاركت فيها ؟
شاركت ولله الحمد في عدة معارض فعلي المستوى الدولي شاركت بمعارض قاعدة العدواني كل عام ومعرض الربيع السنوي أيضا كما شاركت في عدة معارض في قاعة أبو شهري أيضا شاركت في عدة معارض في الحدائق العامة والمجمعات والمقاهي و عدة نقابات وسوف أتحدث عن هذه المعارض من بداية ٢٠١٧ إلى يومنا هذا، ولي كل سنة مشاركات عديدة فعلى المستوى العالمي شاركت في مهرجان شرم الشيخ للشاب العربي بعمل معرض وورشة حية للخزف وأيضا المشاركة بمعارض (أون لاين) في الفيس بوك. وأيضا الدخول بمسابقات دولية بمجسم مكبلة والحصول على المركز الأول وإن شاء الله ستكون لي مشاركات قادمة أتحدث عنها  عما قريب.من هو الخزاف العربي أو العالمي الذي أثر بك كثيرا على المستوى الشخصي والفني ؟
الخزاف الذي كنت أحب أعماله وأعشقها وكنت أتمنى أن أكون مثله في يوم من الأيام هو الفنان العالمي (خزعل القفاص) فنان كويتي كانت حياته أشبة بحياتي وحبة للخزف أشبه بحبي لهذا الفن الجميل والآن أنا أصبحت التقي به بالمعارض وأعرض معه بنفس المعارض ولله الحمد، تحققت أمنياتي وسوف يتحقق كل ما أطمح إليه بإذن الله.
في رأيك ما الدور الذي يؤديه فن الخزف في الحياة العامة ؟
للخزف دور كبير في الحياة العامة فهو ينقل للعالم الدور الثقافي والتاريخي ففي كل بلد هنالك متحف يقوم كل الزوار العرب أو الأجانب بزيارته للتعرف على تاريخ البلد وما مرت به من حضارات وغيرها من أمور تاريخية إذن الخزف له أهمية كبيرة وعندما نذهب لأي بلد نحن  نشاهد بعضا من الأعمال الخزفية التي تجمل الأماكن العامة سواء كانت حدائق أو شوارع أو غيرها من الأماكن العامة.كم من الوقت تستغرقين لتنفيذ تصميم معين ؟
الفنان بطبيعتة حساس  ويتأثر بأبسط الأمور في حياته فلذلك أحيانا يستغرق العمل شهورا إذا كان نابعا من فكرة خارجة من إحساسي، أما اذا طلب العمل لموضوع معين له عنوان فالأمر لا يستغرق أكثر من ثلاثة أيام أو أسبوع أو أسبوعين على أقصى تقدير لإنجازه بالتشكيل ومن ثمة الحرق الأول ومن ثمة الحرق الثاني وأحيانا يتعرض العمل للكسر بالفرن فأقوم بالعمل مرة أخرى أما الحرقة الثانية وهي اللون أيضا ممكن تمر بعدة مراحل مثلا لا يخرج اللون مثل ما هو متوقع لذلك أقوم بإضافة الألوان و حرقه مرة أخرى مثل ما حدث في عملي شراع الخير وأميرة فيلكا التي قمت بعملها تقريبا في أسبوعين حيث تعرضت بعض القطع للكسر فقمت بعملها مرة أخرى وأيضا جمال اللون والترخيم كان عبارة عن إخراج القطعة ثم رشها وهي حارة بجليز أبيض مما أدى إلى إنتاج أعمال بغاية الروعة.

ماهي مشاريعك القادمة في عالم الفن التشكيلي ؟
بإذن الله هناك عدة مشاريع ففي مجال التدريب أقوم حاليا بعمل عدة دورات تدريبية، ففي العام الواحد أقوم بعمل دورتين تدريبيتين في التطبيق التابع لجامعة الكويت، أما في قطاع الشباب فأقوم بعمل عدة دوات أيضا سنوية في فصل الصيف بعدة أماكن في الأندية الصيفية.
أيضا تم دعوتي من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لإقامة عدة دورات لأطفال الأسر المتعففة أما على المستوى الشخصي فتم الإتفاق معي من خلال رئيس الفريق والمدير العام للورش والدورات والمعارض الدولية والعالمية Brethceativity بالعمل معهم ضمن الفريق.
ماذا عن هواياتك الأخرى ؟
إلى جانب الرسم والخزف لدى هواية تصميم الديكور وكل أعمال الكمبيوتر من تصاميم وجداول وأيضا الخياطة وكتابة القصص والمسرحيات وتأليف الأناشيد وقد حصلت على الموافقة من وزارة النشر بنشر عدة قصص للأطفال في مجال التربية الفنية.
أخيرا كلمة لمحبي الفن التشكيلي في الوطن العربي ؟
في نهاية حديثي أحب أن أقول أن لكل إنسان حتى وإن لم يكن فنانا تشكيليا هناك طموح وأمنية وإن كانت صغيرة لا تقف وتطلب أن تتحقق؛ بالعكس يجب أن يواجه ويناضل ويسعى لتحقيقها ليصل إلى ما يرغب ويتمنى ويسعى دائما إلى التمسك بها وإبراز ما لدية من دين وقيم ومبادئ و عادات وتقاليد وحضارة بلده لأن هذا هو الأساس والجمال الذي يميزه عن غيره من الفنانين، وكلي شكر لكم لمن قام بهذا اللقاء الرائع وفتح المجال للحديث وتبادل الثقافات والتجارب شكرا لكم من كل قلبي.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*