التراث جزء من تكوين الأمم، جزء من الذاكرة الجمعية للمجتمع، نرى فيه أنفسنا ونرى جدودنا ونرى أحفادنا، بل ونرى ماضى الأمة وحاضرها ومستقبلها. فى التراث تتلاقى كل خيوط الإرث الثقافى والحضارى والاجتماعى واللغوى، نلمس فيه قلب الأشياء ونقلب فيه صفحات القلب والروح إن جاز لنا هذا التعبير.
فى الفن التشكيلى حيث تواشج ضربات الفرشاة، وخيوط الألوان وبهاء التكوين الفنى نحس كل معانى الأصالة وهذا مانلقاه فى أعمال الفنانة المبدعة ” خولة بو على ” نقترب منها فنجد أنفسنا نقترب من كل شئ جميل وبهى ورائع .نلمح فى لوحاتها المرأة، نراها، نحس بها طفلة، صبية، شابة ثم ذات خبرة وبهاء خاص نلمح فى الملبس التراثى موسيقى خاصة، موسيقى الروح وموسيقى الماضى والحاضر والمستقبل امتدادات لا نهاية لها، امتدادات تشع فى سماء الفن التشكيلى فى الوطن العربى.
فى لوحة شديدة الثراء نجد بطلتها فى ملبسها الوطنى تنظر إلى أعلى، نراها ونرى عينيها وجمال تكوين هذا البهاء والرونق فى ملبسها. حقيقة لو نظرنا لهذه اللوحة سنجد لوحة من الشعر العربى حاضرة أمامنا. نرى جمال المحيا، زوايا النظر وبهاء التكوين.
لقد جمعت هذه اللوحة المحاسن كلها وفاضت عليها.نقف أمام جزيئات اللوحة فى إعجاب بها، فالفنانة لا تفوتها دقائق العمل الفنى وبساطته فى ذات الوقت وكأننا أمام سيمفونية خاصة لها طعمها الخاص وتأثيرها المتميز.
ونرى فى لوحاتها مايتكلم عن عادات شرب القهوة العربية ذات الطعم المميز وحين تسجل فى لقطاتها جوانب هذا الأمر، تجعلنا نتذوق طعم اللون ونتذوق طعم القهوة ذاتها فى تراسل للحواس يساعد عليه جمال اللون المعبر ودقة التعبير، إنها فنانة ذات ملكة وحنكة لونية – إن جاز لنا التعبير- تستطيع من خلالها أن تجعلنا نتذوق قهوتها ونشم رائحة الأشياء فى أعمالها فى إبداع فنى رائق كجدول مياه النبع فى وسط الصحراء.
وسأتوقف قليلا أمام بورتريه رسمته الفنانة لشخصية ذات مقام كبير، فى هذه اللوحة نجد الفنانة تبدع فى تشكيل لوحتها وتلتقط من خلال اللون الأبيض معان عديدة، معانى صفاء القلوب وبهاء المكان والزمان، لون صفاء السماء، لون الطيور، كل هذا يساعد على إيضاح جوانب هذه اللوحة. كما نجد هناك الإبتسامة التى أضافت إلى العمل الفنى بعدًا كله رونق. وأتوقف أمام هذه اللوحة كلما استعرضت أعمال هذه الفنانة المبدعة لأجدنى أضعها فى مكان بارز من أعمالها.أحس وكأن الفنانة أرادت لها أن تكون درة أعمالها فكانت كذلك.والجميل فى هذا العمل الفنى، هو أننا نرى البهجة التى تطفر من جنباتها وهى بهجة تنتقل لمن يراها ولا تبتعد عنه.يتنوع إبداع الفنانة، حيث نرى لها تكوينًا يشبه الجداريات، تشكيلا فنيًا قد يكون شعارًا أو شيئًا من هذا القبيل يجعلنا نكتشف فى هذه الفنانة تنوعًا خصبًا فى إبداعاتها، تنوعًا يدفعنا لمداومة النظر إلى أعمالها الفنية وعدم التوقف عن ذلك.
فى خاتمة المطاف، لانملك سوى أن نثنى على إبداع الفنانة ” خولة بو على” التى جابت بنا ضروبًا متعددة من رحبات الفن التشكيلى، جولة لن ننساها، بل ستجعلنا عندما نسمع أو نرى اسمها نتوقف ونجرى لرؤية أعمالها وكلنا ثقة فى أنها تجيد وتبدع وتحدث الأثر الذى يبقى على الدوام في القلب والعقل والروح.