الفنان الشاب أباذر نورالدين،درس الهندسة الكهربائية،جامعة السودان،حاصل على بكالوريوس هندسة الكترونية،جامعة المشرق،فنان بالفطرة،صاحب بصمة متميزة فى رسم البورتريه،شاب مثقف وقارئ جيد وكاتب أيضًا وقد شعرت بذلك من خلال كتاباته لى،هو نموذج للشاب السودانى الواعى بقضايا وطنه وأمته العربية .كان لموقع عرب 22 هذا الحوار مع الشاب السودانى أباذر نور الدين .
فى البداية نود أن نعرف من هو الفنان أباذر نور الدين؟
إنه لمن الصعوبة أن تجد إجابة مقنعة لك،تقولهاعندما يسألونك عن من أنت ؟!سأكتفي بإجابة تقليدية،فاسمي أباذر نورالدين عوض،سوداني الجنسية وتجري في دمائي دماء الأجداد العظماء الذين أثروا حضارة كوش بفنونهم التشكيلية المتفرقة سواء من المنحوتات أو الرسومات الجدارية أو نقش الحروف على الحجر.
وهذا بدوره كان التوثيق الأعظم لحضارتهم ويشرفني أن أكون تشكيليًا،لن أقول سودانيًا بل كوشيًا تاسيتيًا،ابن أرض القوس التي أنبتت من سمرتها إنسان السروراب،الإنسان الذي صنع أول قطعة فخار وزخرفة بأدواته البسيطة وصدرها للعالم الذي يستخدم الخزف وفنونه إلى الآن ..
كيف كانت بدايات مزاولتك للرسم؟
أنا أهوى الرسم منذ الصغر، فوالدي كان رسامًا وهو من قام بدعمي،أول معرض لي كان أيام الثانوية و في مرحلة الأساس كنت قد رسمت لوحة لرجل عجوز يتكئ على عصاة ،ووالدي هو من أشرف على ميلاد اللوحة .
ما الوجوه التى يهوى أباذر رسمها ؟
أنا سأجيب عن هذا السؤال ابتداءً بمقولة للعظيم فنسنت فان جوخ : “الفنان يمكنه رؤية الجمال المندس تحت القباحة، أو العكس بالعكس انتهاءً بما يتواجد ما بين القباحة والجمال”. أنا أرسم الوجوه التي تختارني،لا التي اختار؛ربما أرسم مرغمًا،ولكني أجد نفسي أكثر في رسم الوجوه التي اختارتني،التي ترسم بداخلي معنى يقوم بمداعبة حسي قد يكون المعنى نظرة لرجل عجوز،أو حيرة على وجه شاب أو ابتسامة عريضة في وجه امرأة .
لماذا اخترت رسم البورتريهات دون غيرها من أنواع الرسم ؟
منذ الصغر،و أنا أحب رسم العيون ولا أدري ما السر في ذلك و كانت هنا بدايتي مع الرسم، فيقال أن العين هي بوابة الروح و لكنني ربما اكتشفت بوابات أخرى لأرواح أخرى فأنا أؤمن بأن لدى كل شيء روح،وسأظل أكتشف أكثر وأكثر .
هل لديك أى محاولات للرسم فى مجالات أخرى ؟
نعم لدي لوحات بالفحم وألوان البوستر والألوان المائية، من قبل قد عرضتُ بعضًا منها
ما أنواع البورتريه ؟
بالنسبة لسؤال أنواع البورتريه ،أنا شخصيًا أرسم بالفحم والرصاص وأجد في ذلك متعة وتطوير؛ربما الأدوات التي يستخدمها فنانو البورتريه هي التي تحدد نوع البورتريه الذي يرسمون فالمصور مثلا فنان، وأداته الكاميرا والتشكيلي فنان وأدواته الأقلام و الفُرش والألوان و المواد الخام .
ما أول بورتريه قمت برسمه ولمن كان ؟
أول بورتريه كان لرجل عجور لا أعلم من هو بصورة احترافية كان لصديق اسمه أحمد .
ماهى طموحاتك المستقبلية فى هذا المجال ؟
طموحاتي المستقبلية أن أظل أتطور أكثر فاكثر،في مجال الفحم والجرافيت والألوان كذلك،و أن لا أحصر ما أقدمه في الرسم فقط .
ما هي مشاركتك في هذا الميدان على مستوى الفن التشكيلي في السودان ؟
بالنسبة لمشاركاتي على مستوى الفن التشكيلي، في الشهر الفائت قد أقمت معرضًا تشكيليًا في الخرطوم و قد حضر افتتاحه كوكبة نيرة من التشكيليين السودانيين .
أنا أحب أن أجد اللوحات معلقة في كل الأماكن، فأردت تحقيق ذلك بفتح أبواب لرسم البورتريه لذا أقوم بعرض أعمالي في صفحتي الشخصية على فيسبوك لتلقي الآراء والمشاركات والتعاقدات مع أناس يودون اقتناء أعمالي،قمت بحضور العديد من المعارض المقامة في السودان،أعتقد أن إفريقيا ما زالت قادرة على منح قلوب أبناءها الجمال و الخيال على الرغم من روحها الفاترة .
كيف تقيّم الحركة الفنية التشكيلية في السودان ؟
في السودان يوجد هناك الكثير من المدارس التشكيلية المميزة وأنا أفخر بذلك وأتمنى أن يتسرب الفن التشكيلي السوداني لكل بقاع العالم،وسيحدث ذلك عاجلاً أم آجلا .
ما أهم الأدوات التى تزاول بها هذه الهواية ؟
أهم الأدوات التي أزاول بها هوايتي هي الورق الجيد،والمصنوع بمواد خام طبيعية فالورقة هي الأساس الذي يضع عليه الفنان كل ممتلكاته من الخبرة،وتليها الأقلام،مثل أقلام الرصاص ذات النوع الجيد والدرجات المتفاوتة وأقلام الفحم كذلك و الممحاوات و الفُرش المختلفة .
لماذا يعد الرسم بالفحم من أصعب الأعمال فى هذا المجال ؟
يعد التشكيل بالفحم من أصعب الأعمال نسبة لأنه جاف وحبيباته مفككة ولا تثبت على الورقة بقدر ما تفعل الألوان وأيضًا أن الفحم حساس،عندما تقوم بوضع الفحم بالطريقة التي تريدها وبالتدرج الرمادي الذي تريد ليعطيك الظل الذي تريده،لا يجب أن تقوم بلمسة مجددًا سوى بالمثبت لأنه سوف يُمحى حالاً حتى و إن لمسته بمنديل أو بأصبعك.
كما ذكرت سالفًا، نوعية الوررق مهمة جدًا ، فالورقة هي التي تحدد أسلوب التدريج الذي تريده عندما يختص الأمر بتطبيق الظلال واستخدام الفحم كتدرج ظلي، فالأمر يحتاج إلى جهد لكي أقوم بتطبيق الفحم ليعطيني النغمة التي أريد،والتداخل المناسب بين الظلال أيضًا .
حدثنا عن قصة لقبك “زرزور”ومن أين جاءت ؟
الاسم الذي أنادى به من قبل المقربين على سبيل المزاح أو الدلال هو “زرزور”، نسبة لتقارب حروفه مع اسمي الأساسي أباذ، فالزرزورهو طائر من الرتبة العصفورية الزقزقية، و قد تأقلمت مع هذا الاسم جدًا لأنني أحب العصافير أيضًا ولارتباطه لديّ مع المقربين عاطفيًا، فهو اسم يرن في أذني منذ الطفولة،لي أيضًا اسماء عديدة، مثل زيزو أو زيرو أو أبا .
كلمتي الأخيرة سأقتبسها من إحدى مقولات العظيم دوستويفيسكي:” الجمال سينقذ العالم” و أيضًا بإحدى مقولات القائد “جون قرنق ديمبيور” : “نحن كسودانيين لن يوحدنا الإسلام ولا المسيحية ،ما يوحدنا هو سودانويتنا/هويتنا.. وأضيف ما يوحدنا هو إنسانيتنا على الرغم من الصراعات التي تحدث في الوطن العربي، وهذه سانحة لطيفة لإخبار أخوتي التشكيليين في الوطن العربي وبالمقابل في كل بلدان العالم بأنه يجب عليكم الإنتماء لفنّكم المنبعث من تنوع بيئاتكم وتكويناتكم الثقافية والمعرفية، لن أقول لعروبتكم أو مختلف أعراقكم، فأنا لستً عربيًا و لكننا إخوان على بساط الإنسانية وما أقواها من رباط .
أود أن أقول فلتعكسوا فضائلكم للعالم لتستمدوا منها قوتكم و لتنبذوا السوء فيكم لتتوحد إنسانيتكم وليس معتقداتكم أو تمايزكم الأيديولوجي، وهذا لن يحدث سوى بفنّكم الذي ينقر القلوب ويغير مجاري التيارات التي لا تريدون ، فالفن هو لغة الإنسان الأولى الموحِّدة، فبالفنون قد سمت الأمم، فلتسم أمتكم.