دور المدرسة التعبيرية والرمزية فى تفسير مشاعر الفنان سيدى يحيى

13/2/2021

0

بقلم / عبد القادر الخليل، فنان وباحث تشكيلى سورى
إسبانيا : 13/2/2021
من خلال بحوثاتى الفنية يأخذنى المطاف للوصول إلى موريتانيا الشقيقة والتعرف على منجزات الفنان التشكيلى سيدى يحيى.يسرنى أن أعطى لمحة عن الفنان من خلال تجاربه الجميلة وعلىَّ أن أشير من أى بحور ينضح جمال منجزاته وإلى أى حقول يذهب بها، وفى أى شواطئ ترسى مراسى الفنان، وإلى أين تصل طموحاته الخاصة، لم أجد أى اعتماد للفنان على أن يكون من أسلوب عام أو من مدرسة مخصصة، بل أراه يغوص عميقًا فى بحور الفن ليستخلص أسلوبًا ذاتيًا. لكن مهما كانت الخواص الفردية تبقى هناك وراثة تجعل الفنان ينتمى إلى مزايا عائلية ضمن مدارس الفن. ومن خلال تحليلى الخاص أقول إن الفنان سيدى يحيى يُحافظ على التراث القومى ويستخدم ثمار الوطن من خلال الزخرفة الحروفية من اللغة العربية وجاعلا من هذا تناسق الحرف فى أجواء شرقية مع أساليب أخرى.

قلت لاينتمى للتقليد ويبتعد عن مظاهر الجاذبية السهلة والمعروفة فى الواقعية، بل يرغب أن يكون فى أسلوبه تجارب جديدة تجمع بين صفات مدارس أخرى وبين الحروف العربية التى لها صلة مع الأسس الفنية من أمثال التعبيرية والرمزية.

يُعبر التعبيريون عن مشاعرهم دون القلق بشأن الواقع ويستخدمون ألوانًا قوية ونقية وأشكالاً تخفى بعضها البعض ويعتبر رأى الفنان ذو الأهمية الكبرى من التوافق والتناغم فى العمل المُنجز ومنجزات التعبيريين هى ستار من جهة ثم مظاهرة فى وجه القضايا الاجتماعية والثقافية والبيئية وتتحدث عن القوة والعالم الحقيقى والشر والحرب.

من طليعة هذا الأسلوب نجدهم فى مجموعة دير ريتر والحصان الأزرق، كما فى منجزات الفنان ديغو ريفيرا المكسيكى وفان جوج الهولندى وفى منجزات فريدة كاهلو.تُعتبر التعبيرية أداة المظاهرة والاحتجاج فى رؤية النقاد، كما هناك من يعتبرها وسيلة التشويه للواقع من خلال تعبير بطريقة أكثر ذاتية.

وفى لوحات الفنان سيدى يحيى نشاهد هذه التجارب، بوجود أشكال إنسانية وأشكال حيوانية وعمرانية أيضًا، لم تأت من الناحية العفوية، بل يضعها لتتحدث عن قصة ذاتية، أو عن مشاعر خاصة، لا أعتبرها تشويه للواقع؛ بل إنها نوع من المظاهرة أمام أشياء فيها القلق فى نفس الفنان.وهذه خدمة التعبيرية وهناك اتفاق على أن تكون التعبيرية حريصة على التقاط المشاعر الأكثر إنسانية، والكرب الوجودى هو المحرك الرئيسى لجماليتها والتظاهر بتعزيز انفعالات المشاهد من خلال تشويه المواضيع والمبالغة بها.

يقدم الفن التعبيرى مشهدًا دراميًا، مأساة داخلية، يمكننا أن نجد اتجاهات انطباعية مختلفة  من الألوان المبالغة تأخذ الوصول إلى التجريدية.
من جهة أخرى تتداعب تصميمات الفنان سيدى يحيى مع أشياء ومظاهر من الرمزية التى تأتى بخطوط تجريدية وفى الخلفيات أشكال بسيطة وألوان دقيقة وإرادة.ووفقا لهذا أجد فى هذه المنجزات تعبيرًا عن وحدة الشكل والحركة لقد كانت الرمزية من أهم الحركات الفنية التى نشأت فى فرنسا فى1886، فقد استخدمت الرموز لتمثيل المشاعر والخيال اعتبروها الحركة العالمية للغزل والفن كحلم.

الرمزية هى حركة تتفاعل مع القيم المادية للمجتمع الصناعى وتسعى إلى الحقيقة العالمية وتصل إلى مزيد من البحث الروحى الداخلى. وتشير إلى استقلالية الفن فيما يتعلق ببقية مجالات الحياة التى يحاول الفنان التعبير عن الألم والشعور العميق ويستخدم الألوان التى يمكن أن تشير إلى رائحة ما، أو حرف كان، أو موسيقى.

وتمثل منجزاته الرمزية نقيض الواقعية وكل رمز يستخدمه توجد به خصوصية ذاتية للفنان ووجهة نظر ذاتية للمشهد، أى أنها لا تقف عند تفسير واحد.ونجد مضمون الرمزية فى منجزاته فى الألوان التى فى حد ذاتها ألوان رمزية وتطالب إلى قراءة بحد ذاتها.

الأحمر زعيم الألوان الدافئة، وتنتسب إليه مظاهر العاطفة والقوة والديناميكية، كثيرا ما يستخدمه الفنانون كى يجذبوا الانتباه وهو مفيد لوجود الحيوية فى مساحة معينة. كما فى استخدامه للون العنبر الذى يعتبر من الألوان الرمزية الممزوج مع البرتقالى ويعزز أهميته فى وجود ضربات من اللون الأزرق الكاشف كنقطة تلفت النظر.أما اللون الفضى فهو من الألوان المفضلة فى الرمزية وهو لون ينقل الحداثة والرقى والأناقة ويندمج تمامًا مع اللون الرمادى والأسود والألوان المحايدة.

أما اللون الفيروزى الذى اراه قليلا؛ فيكون رائجًا للغاية حين يكون إلى جانب الأخضر والأزرق، وعلينا أن لا ننسى استخدامه للون البنفسجى فهو اللون الأرجوانى الذى يشير إلى الأشياء النادرة واستخدامه يدل على شخصية مميزة.

من المعروف ان لكل لون تأثير فى مشاعر المتلقين، وهكذا نراه فى تناغم الجمال فى اللوحات التجريدية ولكل نغم وظيفة.الهيمنة، وهو اللون المحايد والأكثر شمولاً وتتمثل مهماته فى إبراز الألوان الأخرى وعادة ما تكون الألوان المعاكسة.أما فى استخدامه ألوان منشقة فهى متممة لمكمل النغمة السائدة وهو الذى يلفت الانتباه فى التكوين.

من أهم فنانى الحركة الرمزية هو الفنان الفرنسى غوستاف مورو وجان مورياس، فقد  استخدما هذه المصطلحات فى عام 1886 واتبعت هذه الحركة الإنطباعية شئ من الزمن.

تمثل الرمزية فى حياة الفنان سيدى يحيى الذاتية الخاصة للفنان، مستوحاة من التحليل النفسى وغالبا ما يصمم الحياة الداخلية للموضوعات. ومن ناحية أخرى أجد تجسيد الفكرة بأن الفن  يجب أن يمثل العالم كما يبدو للحواس وبدلا عنها تم تشجيع وتقديم الأفكار والخبرات التى تجاوزت العالم المادى وهكذا دفعت الرمزية إلى ظهور التجريد الحديث ومن بين هؤلاء الذين كانوا الأكثر شهرة هو الفنان كاندينسكى الذى ساعد فى تطوير الحركة التجريدية بلغة متضامنة من خلال دور الألوان التى هى وسيلة للوصول إلى مستوى روحى أكثر.

أغلق حديثى بالقول إن الفنان سيدى يحيى يتمتع بثقافة بصرية ومعلومات عن أسرار اللون فى عالم التعبير الرمزى ويسرى فى تشريع هذه المعرفة وهذه الثقافة من خلال اللوحة التشكيلية بأسلوب ذاتى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*