النحات المصرى الكبير محمد هجرس وجـــداريــة انتفاضة الأرض المحتلة

1

 كتب / غـازى انـعـيـم

يعد النحات العربى المصرى الراحل ” محمد هجرس “، ( 1924 – 2004 م )، الذى ولد فى مدينة طنطا، من الجيل الذى حمل راية النحت بعد النحات محمود مختار، حيث ربط إبداعه المستمد من مشاهداته اليومية بالروح الشعبية الوطنية، وجذورها التاريخية.. التى عشقها طوال حياته، وهو من النحاتين العرب القلائل الذين يستطيعون تحقيق كتل صرحية فى الفراغ العمرانى.

وهو أيضا من النحاتين القلائل الذين نذروا أنفسهم، للتعبير من خلال الرمز وبلغة المشاعر والأحاسيس عن أفكارهم الاجتماعية والوطنية والإنسانية، ولهذا عكس الواقع الاجتماعى، وقدم لنا عبر أعماله التى نفذها بتقنيات مختلفة الظواهر التى كانت تمثل الحياة فى مصر، وما تحفل به من مخاض قبل وبعد الثورة، فكان فى المقدمة، مع الفكر التقدمى، مع الناس الذين ربطوا مصيرهم بالنضال ضد القهر الاجتماعى، مع العمال والفلاحين وكل أحلامهم.. مع مصر، ومع المقاومة الفلسطينية لذلك أسفرت أعماله وبشكل خاص الصرحية عن الوجه الأصيل للفن المصرى الحديث.

ـ المنحوتة: انتفاضة الأرض المحتلة ( نحت نافر ).

ـ القياس: 70 × 100 سم ـ 1987م.

ـ يصور الفنان فى تلك المنحوتة المضمون الفكرى لأحد مشاهد الانتفاضة، وهو حرب الحجارة.. هذه الحرب الدائرة بين الاحتلال وأصحاب الأرض، فالأول: يملك جميع الأسلحة المتطورة وأدوات الحرب والتخريب والدمار والقتل، أما الثانى فلا يملك سوى الحجارة، وهى أداة بسيطة يعلن بها الشعب الفلسطينى الأعزل، عن غضبه وسخطه ورفضه للاحتلال… وبتصوير الفنان للمضمون الفكرى، فإن المنحوتة يغلب عليها الرمز، وتندرج تحت الاتجاه التعبيرى فى الفن الذى يكثف الفكرة ويركزها فى رموز قليلة تعبر عنها وتشير إليها، وقد مر المشهد عبر إحساس الفنان ووجدانه الصادق والنبيل، فتفاعل معه، واعتمد على ذاتيته كأساس فى إبراز الناحية الموضوعية والمضمون فى التعبير.

ـ صوَّر الفنان ” محمد هجرس ” الانتفاضة على شكل امرأة فلسطينية بثوبها الوطنى مع اختزال ملموس لكثير من التفاصيل وهى تتهيأ بكل شموخ وعزة وكبرياء لقذف حجر تجاه العدو.

ـ قام الفنان بتوظيف الحجر كتعبير رمزى عن غضب وسخط الشعب الفلسطينى المنتفض فى الأراضى المحتلة ضد الاحتلال وكوسيلة كفاحية من أجل الحصول على الحرية والاستقلال.

ـ ربط الفنان المرأة مع الخلفية، التي جاءت بمثابة تحليل أو تبسيط لمفردات معمارية يتضح منها شكل ” مسجد قبة الصخرة ” كمجاز رمزى ودينى، وقد استخدم الفنان عنصر المرأة فى المقدمة كتعبير عن حماية المقدسات الدينية والدفاع عنها فى وجه المخططات ” الإسرائيلية التى تستهدف تهويدها… وبذلك عبر فناننا عن فكرته ومفهومه وتصوره لما يجب أن تكون عليه القضية الوطنية، وهى هنا مضمون المنحوتة.

ـ اعتمد الفنان فى تكوينه على إيقاع الكتلة فى فراغ المنحوتة، وركز على العنصر الأساسى وهو المرأة ( نحت بارز ) ومسجد قبة الصخرة ( نحت غائر ) فى وسطها، وقد تحقق الاتزان فى العمل نتيجة التصميم الهرمى فى التكوين وكذلك القوة الطاردة المركزية التى تتضح من اتجاهات الكتل والخطوط، فعندما يتقاطع الخط الخارجى لقبة الصخرة مع يد المرأة الممدودة، ويحدث مع قمة الرأس تماسًا، ويتحد مع حدود الشعر المتطاير، منتهيًا بشكل قوسى عند اليد الممسكة بالحجر، يعطي انطباعًا عند المشاهد بقوة فعل الحركة المقبلة لقذف الحجر وهو أحد أسلحة الانتفاضة المهمة فى مواجهة العدو الصهيونى، لتحرك عين المشاهد فى جميع أجزاء العمل، ولتتعادل مع الحركة الذى تتسم به وقفة المرأة وثبات البناء المعمارى لمسجد قبة الصخرة..

ـ أكد الفنان على الدلالة التعبيرية بإبراز التعبيرات المرتسمة على وجه المرأة التى يظهر من خلالها القوة والشموخ فى الدفاع عن القدس والإصرار على مواصلة النضال حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني فى التحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطينى.

ـ التكوين فى المنحوتة بنائى وهو أبرز ما يميزها فهو يقوم على توزيع الخط والكتلة والمساحة وتحقيق الاتزان بينها، وعلى حركة الخطوط واتجاهاتها فى الفراغ.. من أجل تعميق الإحساس بالحركة.

استطاع الفنان أن يحدث توافقًا جماليًا بين المساحات البارزة فى المنحوتة وبين المساحات الغائرة، وبالتالى خلق جماليات الظل والنور على سطح العمل.. وبذلك نجح الفنان فى خلق علاقة جدلية بين الغائر والبارز، وحقق الاتزان فى العمل من الناحية الجمالية والمعمارية.

تعليق 1
  1. سعاد مرسي يقول

    عمل غاية في الروعة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*