الفنان عبد الإله بوبشير يستلهم أعماله من الطبيعة والعمران الجزائري

0

الفنان الجزائري عبد الإله بوبشير، فنان ذو طابع خاص، يستلهم أعماله من التراث الجزائري بما يحمله من مصادر متنوعه على حد قوله، حصل على جائزة جينيس للأرقام القياسية بالمملكة العربية السعودية، كمساهم في أكبر حشد يعمل على تصميم تطبيقات خاصة بتنظيم موسم الحج. أجرى موقع عرب 22 هذا الحوار مع الفنان عبد الإله بوبشير لنتعرف على البدايات وعلى مشاركاته المحلية والدولية والملامح التى تميز الفن التشكيلي الجزائري.
في البداية نود أنْ نعرف من هو الفنان عبد الإله بوبشير؟
هو من جيل التسعينات مواليد، شهر نوفمبر1991، بمدينة سيدي بلعباس غرب الجزائر، خريج دفعة عام 2012، بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بوهران، فرع سيدي بلعباس، متحصل على شهادة الدراسات الفنية العامة، و الشهادة الوطنية لدراسات الفنون الجميلة، تخصص رسم زيتي.لوحاتي من ضمن أكبر مجموعة فنية خاصة بدولة المجر المسماة (szvoboda art collection).
فيما يخص الجوائز كان لي نصيب من جائزة جينيس للأرقام القياسية بالمملكة العربية السعودية، كمساهم في أكبر حشد يعمل على تصميم تطبيقات خاصة بتنظيم موسم الحج.

كان لي الشرف أنْ حصلت على المرتبة الأولى في السنوات الدراسية الثلاث الأخيرة بمدرسة الفنون الجميلة و الحصول على وسام الشكر الذهبي من أكاديمية (ريشة و مداد الإنسانية)، فرع الخليج العربي.
و المرتبة الثالثة في مسابقة أفضل عمل فني في مجال الطبيعة الصامتة من تنظيم ملتقى (النيل الدولي).
فيما يخص العضويات فقد ترأست نادي الفنون في مدرسة (اقرأ )الخاصة، الجزائر، لفترة من الزمن، كما نلتُ شرف محافظ المعرض لجناح الفنانين الجزائريين بالمعرض الدولي الافتراضي الذي سيقام في 5 من شهر أكتوبر، بعنوان (Expression through art)، أيضًا عضو ملتقى (النيل الدولي للفن التشكيلي)، مصر. عضو (منتدى الشباب العالمي)، مصر. عضو (كريتينج بيوبل سايد)، المجر . عضو (منتدى الفنون الجميلة بكليس)، تركيا.

مشارك في معارض محلية و دولية أيضًا، لعل أبرزها المعرض المقام مؤخرا بعنوان (لوس أوخوس ديل موندو) بدولة غواتيمالا، نشرت مقالات في مجلات ثقافية، و مشاركات صحفية مع إذاعات دولية .كما تم ذكر اسمي في بضعة مراجع فنية .
متى بدأ الفنان عبد الإله بوبشير الدخول في عالم الفن التشكيلي ؟ ومن شجعك عليه؟
البداية كانت منذ السنوات الأولى في الطور الإبتدائي، بحيث كنت أرسم كثيرًا و ارسم تفاصيل بدقة  لحيوانات و أشياء من حولي، لاحظ خالي الذي كان متخصصًا في الديكور الداخلي، ذلك الفتيل؛ فتيل شعلة تستحق العناية لأنَّها ستشع نورًا يومًا ما،  وأنَّني أملك كل القدرات و الموهبة التي ستخولني أنْ أصبح رسامًا مستقبلا، فنصح الوالدين بذلك، وعملا بنصيحته.

فشاركت في عدة مسابقات كانت تنظم من طرف جمعيات تعنى بالفنون، و دخلت بعدها مدرسة الفنون الجميلة في سن مبكرة و تتلمذت على أساتذة فضلاء، و تعلمت على أيديهم الأكاديمية، وأصول و مبادئ الرسم، لم يبخلوا يومًا علي بالنصح، ومن هناك بدأت فعليًا في التعرف على عالم الفنون الجميلة، ولزوم هذا الميدان الغني والذي لا يحظى به إلا قلة من الناس، الذين منً الله عليهم هذه الموهبة.
واصلت مشواري الفني بالبحث ودراسة سير كبار الفنانين التشكيليين ، و الذي سهل علي الأمر أكثر هي تلك المكتبة الغنية بالمراجع و المصنفات الفنية التي كانت بالمدرسة.
تخرجت منها و لازلت ترن في أذني مقولة لجنة التحكيم حول مشروع تخرجي: “هنا نحن حقًا في عالم الفنون الجميلة.” ما يدل على تنوع الأعمال التي عرضتها.

ما الشيء الذي يحرك بداخلك حس الفنان لتبدع عبر الريشة والألوان؟
سأجيبك وأنا أشكرك على هذا السؤال الجيد، أول الأشياء هي الرؤية و ثانيًا الشعور بالدهشة، فهما يتركان لدي انطباعًا عميقًا كالسحر !.
هما شيئان يحركان كل مكنون و إحساس بداخلي فيشكلان معًا دافعًا قويًا ، لقد كانت هذه القوة محفزًا لنتاج فني غني و مستلهمًا من شقين، أحدهما تلك الحدائق الغناء والطبيعة العجيبة التي تظهر عجائب قدرة رب العباد في خلقه، من ألوان بهية و صنع بديع، تجعل من الإنسان في تفكر دائم،  و الشق الثاني الهندسة والعمران الإسلامي بالخصوص الموريسكي و الأندلسي المنتشر كثيرًا في الغرب الجزائري، و الذي هو آية من آيات الفن البشري.
فكانت النتيجة محاولات كثيرة من خلال التعبير عن ذلك بأعمال فنية، و خامات متنوعة، متأثرًا بالخلق الإلهي البديع، والصنع البشري العجيب.

ما هي المدارس التي تأثر  بها عبد الإله بوبشير في مساره الفني؟
في بادئ الامر كنت أحاول تقليد التيارات الفنية، والتي قلما يكون هناك رسام يتجاهل بصمتها وتأثيرها الخاص، سواء في الأعمال أو الجانب الشخصي، لكن أقول عن نفسي ما تعلمته أنَّ الفن مدارس وتيارات، لكن الذي أمنت به أنَّ الفن أولا و قبل كل شيء هو الأدب والاخلاق، فهو يرسخ في نفسك الصبر و احترام الآخرين و التعلم من تجارب الحياة.
تأثرت خصوصًا بالمدرسة الإنطباعية بصفتها رائدة اللون و التحولات الضوئية والرسم المباشر من الطبيعة، بصمة هذه المدرسة تظهر في الكثير من أعمالي.
و لعل أعمال كبار فنانيها أمثال (كلود مونيه)، كان لها الأثر البالغ في مسيرتي، فهي تعد حسب النقاد و أصحاب الذوق من الروائع العالمية الخالدة.

ماهي الملامح والسمات الخاصة، التي تميز الفن التشكيلي في الجزائر وتحدد هويته؟
في هذا البلد القارة، لو تابعنا الحقل التشكيلي، في الجزائر، سنجد أنَّه متغير كثيرًا، غني، يتميز بالتنوع، وأحيانًا غريبًا، فالتأثير الغربي المعاصر حاضر. سيكون هناك أيضًا النمط الحروفي، بدأ في السنوات الماضية بانتزاع مكانة مناسبة بين التيارات الأخرى، لكن للأسف من وجهة نظري أرى بالمقابل من يسيء لهذا النمط الفني بتقنيات ضعيفة، أو بسوء دمج للألوان وعدم تراكب التصاميم.
الفن التشكيلي في الجزائر يتكون من مصادر عديدة فمنها ما هو مرتبط بالهوية وما تحمله من معان كاللغة والثقافة (العادات والتقاليد) التي مارسها أول إنسان سكن المنطقة، كما نجد أنَّ الفن التشكيلي قد صقل بمصادر أخرى مرت بها الجزائر من فتوحات إسلامية، إضافة إلى الاستعمار الفرنسي وما خلفه من أساليب فنية، وتعتبر هذه الأخيرة هي الوجه الذي وضع للفن التشكيلي بالجزائر اتجاهًا أكاديميًا.
فالمستشرقين الذين زاروا الجزائر في فترة الاستعمار، أبرزهم الفنان (ناصر الدين دينيه)، أرخوا لحقبة زمنية و لوحاتهم بالمتاحف والملكيات الخاصة تظهر ذلك، هاته الروائع التي رسمت خارطة الطريق منذ ذلك العهد الى يومنا هذا .
لوحات الفنانين المعاصرين التي تظهر بين الفينة والاخرى، تظهر بصمة الاستشراق بخط واضح.
نقول أخيرًا أنَّ الفن التشكيلي قدم خدمة جليلة للجزائر من خلال أنامل فنانيه بتكريس ريشتهم للدفاع عن الهوية الوطنية، ويبقى من واجبنا أنْ ندرس هذه الفنون ونستثمر فيها.

هل هناك خط أساسي يربط بين مختلف مضامين لوحاتك؟
نعم وهذا الخط واضح، بصفتي ممارس الرسم ليس معناه أنَّ كل شيء مباح ولا قيود، بالعكس عندما أحترفُ شيئًا أسعى جاهدُا لتطويره مع احترام تام للمبادئ والقيم، ثم أريد من خلاله تبيان كنوز الطبيعة و العمران بألوان ولمسات، مفعمة بالحياة، توحي بقدرة الخالق وإبداع المخلوق، ومن خلال أعمالي أريد للمتلقي أنْ يدرك مدى أهمية ما حوله، و يعيد اكتشاف الأثار بطريقة جمالية، غاية في الإبداع.أود دومًا استخدام بعض الخامات والتقنيات، والتي تختلف حسب الموضوع المختار.
فالطبيعة اختبار تختبر قوتك في التحمل، نعم و هنا يكمن السر كلما كنت مقاومًا في التقاط الأنوار والظلال، وتمييز الألوان، كلما كانت اللوحة غاية في الجمال وإظهارًا للحقيقة.

من هو الرسام العربي أو العالمى الذي أثّر بكِ كثيرًا على المستويين الشخصي و الفني؟
الرسام الفرنسي (كلود مونيه)، هذا الفنان المتميز بأسلوبه، صاحب النظرة الثاقبة، و قولته الشهيرة: “عزائي الوحيد في هذه الدنيا هو وقوفي مباشرة أمام الطبيعية أثناء الرسم، وقد سعيت من وراء ذلك إلى تصوير انطباعاتي عن تلك اللحظات سريعة الزوال فيها “، كلمات توحي بغرق الفنان، في تغيرات الضوء العجيبة، و قدرته على تحمل تلك التغيرات المتسارعة، بتقنيات قوية.
كان (مونيه) مولعًا بتأثيرات الضوء المختلفة على الأشياء و هذا الذي جعل منه مؤثرًا على أعمالي، سعى (مونيه) عبر أعماله إلى التقاط جوهر عالم الطبيعة مستخدمًا ألوانًا صافية، ولمسات فرشاة جريئة.

ما هي مشاركتك في هذا الميدان على مستوى الفن التشكيلي في الجزائر ؟
غبت عن الساحة لمدة قاربت الست سنوات، و ها أنا أعود، في الفترة السابقة كنت قد شاركت في عدة معارض محلية جماعية، ومهرجانات، و معرض شخصي بالتعاون مع دور نشاطات الشباب.قمتُ بالإشراف فترة من  الزمن على نادي الفنون بمدرسة خاصة.
هل حقق الفنان عبد الإله بوبشير ما كان يتمناه في الفن التشكيلي؟
لكل فنان مبادئ و قيم يسير وفقها، وأنْ يكون صادقًا في فنه، أقول لك لو تكلمت عن الشغف سأصارحك و أصرح أنَّني حققت ذلك، أمَّا الرسالة الحقيقة التي أبحث عنها وأسعى في طلبها هي أنْ يكون للفن مساحة كافية و قدرة على إبراز القيمة الحقيقية للأعمال، وهذا بالتعاون بين الفنان و المتلقي، ولا نلقي باللوم دومًا على الجمهور، وأنَّه عديم الذوق…إلخ، فإنَّ مثل هذه الترهات و الخرافات ستزيد الطين بلة، والشرخ يزداد عظمة.إمَّا أنْ ننجح جميعًا و إلا سنفشل جميعًا، وحتما لو كان التعاون فعالا سيكون كل فنان وقت ذاك قد حقق مبتغاه .

ماذا عن هواياتك الأخرى غير الرسم؟
من الهوايات التي أرتاح فيها المطالعة والكتابة، في الشق الثقافي و الخواطر، فلدي كُتَّابي المفضلين، و الذين اقرأ لهم دومًا، أما الكتابة فلدي بعض الكتابات هي عبارة عن مقالات فنية.
ما هي مشاريعك القادمة في عالم الفن التشكيلي؟
أحضر لمؤلف عبارة عن مجموعة فنية تحتوي على لوحات ونصوص من تأليفي والمسماة ” عبور” أسلط فيها الضوء على النوافذ والأبواب و السبل، لقد كانت الممرات و الأبواب دومًا و أبدًا حصنًا منيعًا و سدًا في وجه الغرباء و الأعداء.لم تكن فقط للولوج و الخروج و السير بل كانت رمزًا على كثير من الحوادث والمشاعر .و لهذا وقع الاختيار عليها كموضوع مناسب لنعيد تذكير الناس برمزيتها العظيمة من خلال رسومات و تعبيرات تدل على صلابتها و ثباتها عبر الزمان.من خلال هاته الصفحات سنحاول الغوص بكم في رحاب رحلة العبور لنروي لكم قصص الأبواب والممرات بكل تلك التجاعيد التي تروي قصصًا نستنطقها من خلال هاته الرسومات والنصوص.بكل بساطة نريد أنْ نسترجع قليلا من شموخها.

أخيرًا كلمة لمحبي الفن التشكيلي في الوطن العربي.
دمتم أوفياء وصادقين مع أنفسكم أولا ومن ثم مع الفن، نصيحتي الغالية لكم عليكم بالاستثمار في الأعمال الفنية، أقولها اليوم و كما قلتها مرارًا، شراء التحف لن يخيب ظنكم أبدًا والتاريخ يشهد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*