الإبداع الفني قطعة حية من نبض الحياة بعدما تمر من عدسة الفنان و رؤيته فتتشكل في قالبها وتتخذ نمطها وطابعها الذي يسمها فيما بعد. يفرغ الفنان نفسه في عمله الفني أيا كان نوعه لوحة ، منحوتة ، مقطوعة موسيقية ..إلخ يحكمه إطار وقيود الشكل الفني الذي يختاره . مع الفنانة المبدعة “وفاء محمد” ومع لوحاتها نجد أنفسنا نقف علي أعتاب ركنها الخاص ندخل إليه ببطء ونستمر في الدوران يمنة ويسرة يأسرنا ماتبدعه يدها و يؤثر فينا ماتخرجه من لوحات . لقد أرادت الإجادة الفنية ووصلت إليها ، بل إنني أراها في المقدمة عن اقتدار ، لوحاتها تدهشك من جمالها واتقانها و جمال اللفتات فيها و روعة الألوان ، إننا أمام إبداع فني متقن.لوحات الفنانة “وفاء محمد” تحمل نبض الحياة بكل أشكالها ، فتري الحياة وقد وضعت أمامك مرة واحدة مدهشة ، جميلة ، متأملة ، جاذبة ، فتري في لوحاتها الوجوه التي تبتسم وتري فيها الوجوه الصامتة و تلك المتأملة وتري فيها نداوة الريف و جماله و بكارته التي نكاد نفتقدها الآن و تري فيها الصبي الأسمر الذي يذكرنا بالنيل و بطميه و خيره منذ القدم . تري في لوحاتها كذلك المرأة الفنانة المبدعة راقصة البالية بكل ماتحمله من رشاقة و رقة و ليونة و جمال كعزف الموسيقي ،وتري كذلك راقصة الفلامنكو المتمكنة المبدعة وكأنها الحياة في زخمها وإقبالها وروعتها وتدفقها بل تري فيها هجوم ماء النهر و شدته وجماله و تري من تعزف علي الموسيقي فتسمع من اللوحة الأنغام و تعجب لجمال اللوحة التي تخرج الموسيقي من جنباتها وتري الأم الحنون التي تنحني علي طفلها و تضمه في صدرها وتراها وهي تجلس منعمة مترفة . ثم هناك المولوية و رقصاتها التي تدور بك و تدور و تدور لتسافر مع اللوحة في عالم أخر من الجمال والسمو الروحي وهناك السقا أو حامل السقاء والذي تلمس في خطوط لوحته الكد والتعب .إننا أمام هذه اللوحات نري تشكيلة متتنوعة لمست أوتار أنشطة الحياة وفي الوقت ذاته لمست قلوبنا التي تهللت ونشطت فهي تتوق للعيش في كل لقطة ولوحة و كأني بالفنانة المبدعة تريد أن تخلق لنا من لوحاتها واحة غناء نركن فيها من تعب الحياة و نعب مما فيها من متعة فنية وعالم نتوق إليه من ضجيج حياة يومية عمياء لاترحم ولاتطاق. لقد أجادت حينما أبدعت وأجادت حينما اختارت موضوعاتها وأجادت حينما أخرجت لوحاتها كاللبلور تضوي بألالاف الأضواء الباهره التي تأسر العين والروح و القلب .ويزيد من جمال و روعة ابداع الفنانة “وفاء محمد” اختيارها للألوان لكل لوحاتها ، سواء لوحات البورترية أو لوحات أخري ، فتري في الألوان تلك المواءمة بين موضوع اللوحة واللون وكأنها أرادات أن تخرج معزوفة لوحاتها كاملة تامة وموحية. نري مع راقصة الفلامنكو الألوان الحمراء التي تعبر عن الحركة ونبضها وشدتها ونري مع لوحة راقصة البالية ألوان إيثيرية بيضاء وسماوية وكأنها تطيرإلي عالم الأحلام ، بل هناك لوحات تخطيطية لها Sketch تصرخ بالمعني و تحضرني لوحة الأم التي تحتضن وليدها بين ذراعيها وتصرخ ، لقد جعلتني أصرخ معها جزعا دونما معرفة محددة لما يعانيه ابنها ، إنه الفن الرائع الذي تشكل علي يد الفنانة المبدعة . لا نري في باليتة الألوان خاصتها أي ألوان صارخة زاعقة تقلق من يري لوحاتها ، بل هي الألوان التي توحي وتشير وتعبر بل وتهمس أحياتنا لتأخذنا إلي عالم خاص له لغته وأدواته .تتنوع موضوعات اللوحات ولكن نري أهمها الاهتمام بالمرأة التي تمثل نبض الحياة ولقد التقطت الفنانة كما سبقت الإبانة لقطات من نبض الحياة تعكس المرأة وجنبات من حياتها في مجتمع تنوعت فيه الحياة واشتدت وطأتها.نري في لوحاتها حنان الأم وحنوها وجزعها ونري فيها المرأة ذات المكانة الاجتماعية ونري فيها المرأة الفنانة العازفة والراقصة وفي ظل هذا التناول تتجدد معاني اللوحات وتتتسع مساحة التناول حتي نري في لوحات الفنان المبدعة “وفاء محمد” العالم الخارجي ممثلا فيها .تنتهي جولتي مع لوحات الفنانة المبدعة ” وفاء محمد ” والتي عكست في لوحاتها لقطات حية نابضة من حياة المرأة داخل المجتمع الذي نعيشه ، لوحات مزجت بمشاعر خاصة وتم ابداعها علي نحو متميز لتقف أمامنا تخبرنا بأننا أمام إبداع فني خالص وأمام فنانة ملكت ناصية الإجادة و التميز في عالم الفن التشكيلي . لقد جاءت لوحاتها كعزف الموسيقي وترديدات الطبيعة حوالينا وكنبض الحياة ، بل لقد خلقت لنا واحة نركن إليها و لانريد أن نتركها من جمالها و روعتها و بهائها . فألف تحية للفنانة المبدعة علي هذا الإبداع الفني المتميز .