ولد المصور الضوئي السوداني محمد نور الدين عبد الله بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دار فور حيث تلقى تعليمه فيها قبل قدومه إلى الخرطوم للإلتحاق بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية ( جامعة السودان للعلوم و التكنولوجيا). تخصص عبد الله في التصميم الإيضاحي الذى هيأ له دراسة التصوير الضوئي عن قرب على يد البروفيسورعلي محمد عثمان عميد الكلية الأسبق أحد أعمدة التخصص الذين حققوا إضافة نوعية له.
استطاع مصورنا تجويد فن التصوير الضوئي بل الإبداع و التفرد في مجاليه (التسجيلي و الإبداعي) وهو الذي لم يتعامل بالكاميرا قبل التحاقه بالتخصص المعني بشهادة أستاذه الذي قربه إليه و عمل معه في كثير من المشاريع الفنية. مثابرته و تفرده قاداه إلى المشاركة في المعارض المختلفة داخليًا و خارجيًا بجانب ورش العمل والمسابقات المحلية و الدولية مما فتح له الطريق لنيل الجوائز العالمية. على سبيل المثال نال عبد الله الجائزة العالمية الأولى لمسابقة التصوير الضوئي “العيش معا” من المركز الثقافي الأسيوي الباسفيكي لليونسكو بمناسبة الذكرى 15 لليونسكو و الأمم المتحدة، طوكيو في عام 1995. كذلك فاز عمله “وجود” بالمركز الأول في مهرجان تاريفا الخامس للفيلم من مركز أندلسيا للتصوير الضوئي، إسبانيا 2008. هذه الأعمال و غيرها فتحت له الأبواب للتعامل مع عدد من المؤسسات الوطنية و الأجنبية المختلفة.
يعتبر عمله “وجود” الذي تناول فيه ابداعيًا ملمحًا من سيرة المطرب السوداني الراحل إبراهيم عبد الجليل (ولد في حى الموردة بمدينة أم درمان في السودان عام 1914 و اضطرته الظروف إلى العمل كصبي حدادة و بائع في سوق الحى و المدينة) الذي اكتشفه الأستاذ ديمترى البازار قبل أن يصحبه في عام 1931 إلى القاهرة ليسجل له أسطوانات فونوغراف في شركة “أوديون”. في القاهرة أعجبت الأوساط الفنية بصوته و أطلقت عليه السيدة أم كلثوم “كوكب الشرق” لقب “عصفور السودان” بل دعته للمشاركة في حفل أقامته مع الفنانة ليلى مراد و الفنان محمد عبد الوهاب. لكن بالرغم من الحفاوة التي قوبل بها في القاهرة و الشهرة التي نالها في السودان لم ينعم عبد الجليل كثيرًا بوضعه بسبب صعوبات لم يتمكن من مواجهتها مما أثر سلبًا على فنه وحياته الاجتماعية. في عام 1967 عندما حضرت كوكب الشرق لإقامة حفل في السودان سعت لمقابلته إلا أن وضعه الصحي لم يوفقها.
في سبيل تقديم رؤية لعمله “وجود” تواصل عبد الله مع أسرة عبد الجليل و استخدم نظارة الفنان الراحل (في عام 1968) ليرينا عبرها أو ربما عبره أمتعة شخصية من داخل منزله بل و من حول قبره، نظرته للحياة، بداياتها و نهاياتها و يؤطرها في تداخل الأجيال و تكامل الأدوار. بمعنى آخر إنه يستخدم الأشياء والأشخاص كمفردات أو رموز كرموز ذات أبعاد ودلالات مفتوحة لتأويل متلقى عمله الإبداعي كل وفق تجربته و ثقافته الذهنية و البصرية الخاصة. بمعنى آخر يمكن قول أن “وجود” كعمل فني يتجاوز تقنية الأبيض و الأسود التي نفذ بها الى آفاق تتجاوز الأشكال و الألوان و تكسر حواجز الزمان و المكان لكأنه يريد أن يتجاوز مقولة أن “الصورة تساوي ألف كلمة” بكثير. حاليًا يعمل عبد الله مصورًا لوكالة رويتر العالمية لشرق أفريقيا.