الشاعرة التونسية عواطف كريمي…. لِأَجلكَ قُلتُ
لِأَجلكَ قُلتُ
تعوّدتُ قربَكَ كلّ العُمُرْ
وكلّ الليالي التي جمّعتنا
نناجي القمرْ
ونعشقُ ليلَ عبوس الشتاءِ
وعربدة الريح بين الشجرْ
تعوّدت بوحاً بأسرارِ قلبي
إلى مقلتيكَ
وأقسمتُ أنّك نبضَ حياتي
وعزفَ الوترْ
وأنّك لستَ حبيبي
ولكن منايَ .. هوايَ
وكلّ العُمُرْ
فإن رُمتَ عنّي رحيلا
طويلاً
وقلتَ لأجليَ هذا السفرْ
فماذا عساني أقول
وما أسمَعَت كلماتٌ حجرْ
سأحبس فيضَ دموعي وقهري
وأصبر حتّى يلين القدرْ
ترى هل ستدركُ معنى الحنينْ
ومعنى فراقٍ بعرضِ السنينْ
وقرّرتَ يا مهجتي غربةً
وبات ارتحالُكَ عينَ اليقينْ
تجاهلتَ كلّ نداءاتِ قلبي
وأدتَ غرامي ، كتبتَ الأنينْ
على صهوةِ الحلمِ تمضي…
وحيدا حزين
ألا ما التفتَّ لقلبٍ هواك ؟
وسافر عبر ضياع الدروبِ
ليتبعَ..يتبعَ
وقعَ خطاك ؟
ألا ما انتبهت لنبعٍ سقاك ؟
أفاق على وهم مرّ السنينْ
محمّلةً بانتظارٍ مريرْ
لحلمٍ هناك
فألقاك لا
لم تعد يا وحيدي وحيداً
بدرب السراب
وذاق العذاب
وكم صبّرتْهُ الوعودُ التي سمَّرتْهُ
ببابٍ … وبابْ
وكم دمرتْهُ المرايا
وذكرى تكلّسَ فيها انتظار الإيابْ
وفي كلّ يومٍ يحاصرني الشوقُ
حدَّ اقتراف البكاءْ
وألقى انتظارك كلّ مساءٍ
هراءً..هراءْ
فكيف تصوّرتُ أنّك يوما تعودْ
لتسقيَني شهدَكَ المرتجى
مللت انتظارك أنتَ
وأقسمتُ أنّي
نسيتُكَ أنتَ
هجرتُكَ أنتَ
كرهتُكَ أنتَ
أيا من كتبتَ عميقَ الجراحْ
وأسلمتَ مركبنا للرياحْ
كرهتُ انتظاركَ أنتَ
وإن طال يا سيّدي العمرُ بي
ولاحَقَني خافقي و استعرْ
سأروي لقلبيَ
أنّ أميرَ حياتي تحدّى القدرْ
وخلّفني في الورى أُحتَضَرْ
أيا سندبادَ الصعابِ
حبيبَ السفرْ
هو الهجرُ قتلٌ و غدرٌ
ودربٌ خطرْ
وللبعد طعمٌ مريرٌ وموتٌ أمرّ
فويلي أنا من عذابِ السفرْ
تناثرتُ مثل هشيمِ الحطامِ
شظايا زجاجٍ إذا ما انكسرْ
فكيف أقول إذا ما سئلتُ
لأجل عيونيَ رام السفرْ ؟
فلا أنت أدركتَ دربَ الرجوعِ
ولا القلبُ أنصَفني واصطبرْ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عواطف كريمي