قراءة في ”ثقب المفتاح” للشاعر الرسام المغربى الأستاذ عزيز بومهدى
هو ثقب المفتاح في الباب و هو كذلك ذلك القوس الذي يدخلك إلى المدينة في الزمن السابق و يتخذ شكل ثقب الباب. و في الحالتين توجد الحيطان و الأسوار و الحاجة إلى إغلاق للأبواب على الداخل و على الخارج و من الداخل و من الخارج. باب لوحتنا هنا، التي اختار الفنان و المبدع العميق الأستاذ عزيز بومهدي لها اسم ”ثقب المفتاح”، يبدو أنه أغلق من الداخل حسب ما يبدو من المحتوى البرتقالي الدافيء الذي يظهر من خلال الثقب.و ربما لذلك عبر عنه فناننا بومهدي بصيغة الجمع في أحد تعليقاته أو ردوده على قراءات الزوار على صفحته الشخصية بالفايسبوك ب’ـ’ـثقوب الفرح الخبيء”.
لن أدخل في تحليل اللوحة حصريا في هذه القراءة العاشقة، بل إنني سأحاول سرد مضمون حوار دار بيني و بين مبدعا حولها ذات مناسبة نشر و عرض على الأبصار. و كان أول تعليق لي عليها أن الرسام كان من خلالها لماحًا لأنه لم يرسم ثقب أي باب، فما رأيته في اللوحة كان عملاً جميلاً يدعوك إلى التخيل اللذيذ من وراء الباب المقدس الممنوع على المريدين و الذي يثير فضول المتلصصين، كما جاء في الحوار بيننا، و كما يظهر في اللوحة جليا لأن اللوحة و لو سماها صاحبها “ثقب المفتاح” فإنها تشي و تغري، من خلال حجم الثقب، بالولوج إلى ما هو خلفه و إلى ما يعرضه مباشرة في الجهة المغلقة الأخرى من الباب.
و لأن الناس بالمفاتيح، يمنعون بعضهم من اكتشاف ما وراء الأبواب، فإن بعض الناس المختلفين المتميزين الذين يتمتعون بفضول الطفل البريء، يصرون على النظر الممنوع، كما فعل رسامنا المتمرد، الأستاذ عزيز بومهدي، كما فعل و وضع نظرته بالألوان و بريشته ليتحدى العلاقة المتشنجة التي للريشة مع الذات و مع الآخرين كما يقول و كما قرأت في اللوحة، و ذلك لوضع حد للمنع بلطم لطيف على القماش بلطافة الفنان واضعا عليه صوره الممنوعة و كاشفا المستور الطبيعي الحلال بطريقة ملونة خلوقة.
“ثقب المفتاح” هو كل قماش يقف عاريًا أمام رسامنا، قماش يقف مغلقا في بياضه لكي يفتح فيه المبدع عزيز بومهدي بريشته و بحركات يده المتميزة أبوابا لرؤاه يشرعها على عالمنا، فيصير الثقب، كما ثقب على ورقة عادية يكون بداية لتمزيق بكارتها في مشروع انفضاح إبداعي.
الأستاذ الرسام الشاعر المبدع عزيز بومهدي فنان عميق يشتغل بكتل ثقيلة تعمل على تشكيلها يد خفيفة الحركة لا تمل من الوقوف الطويل و المتكرر على مواضع معينة في اللوحة من أجل دفن التفاصيل فيها، أو غرسها.. و يظهر تفصيل ثقب المفتاح جليا، في نظرتي على الأقل، من خلال تركيز اللون البرتقالي و اللون البني الخفيف و توزيع الخطوط و غياب الظلال، يظهر ما يبدو أنها حركات تغيير ملابس بين امرأتين؛ لتظل المرأة هي التيمة المسيطرة في لوحات هذا الفنان الميت الحي في الألوان الحية و المتجدد من خلال حركات خطوطه الخفيفة. هكذا يكون موت الفنان في عمله، أو موت شيء منه يدفنه في لوحة تعبر عن نظرته لينبعث فيها كلما نظر إليها آخره الذي هو المتلقي.
علال فري
لوحة ثقب المفتاح