روحية هي هذه اللوحة التي اختارت لها الرسامة المصرية شيماء عادل أحمد ”عازفة الأمل” كعنوان. إنها روحية في كليتها بالتفاصيل الظاهرة و بالإحالات الحسية المتضمنة فيها و التي توحي إليها الأشياء و الألوان و الأشكال التي تحيط بالعازفة و هي تعزف على ربابتها، و التيفي توجهها إليك بعينيها، تنظرمن فوقك لتتجاوزك نظرتها إلى السماء. فالخطوط في اللوحة نباتية، و الخلفية ظلام، و النور الذي ينعكس على الأشياء يتلألأ و يتراقص بها و بالأشكال، نباتات و فسيفساء حية و أخرى هندسية، و في سلسلة من الألوان كذلك، يتلألأ داخل حركات راقصة تسير بروح تلك الأشياء و الأشكال كلها في التواءات و تموجات باتجاه واحد متجانس و متزامن نحو الأعلى.. ما يوحي أو ما يشير أو يجعلك تستحضر الجسد الموسيقي الروحي المتخفي في اللوحة، ذلك الجسد الموسيقي الروحي الذي ترمز له الآلة المستعملة و الجلسة و اللباس و أدوات الزينة التي تغطي و تغذي جسد المرأة التي توجد في المركز، و التي تساهم كلها في إعطاء هذا العمل الفني بعدا ابتهاليا بخلفية طبيعية تحرك فيك كل التصورات التي تجمعت لديك عن الثقافات الآسيوية و الطقوس الدينية التعبدية لمجتمعاتها، و الحال أن كل تعبير روحي لا يخلو من تعابير اللون و الجسد ومن نغمات التراتيل و الترانيم. ”عازفة الأمل” و لو بدت شخصية ساكنة داخل اللوحة، فإنها تعطي للوحة زخما حركيا يتردد بالنور و بالألوان من خلفيتها كأنشودة.. أمل. فتحية لهذه الأنامل في دقتها التي جمعت و وزعت تفاصيل صغيرة من خلال اللون و الحركة لتعطينا لوحة نسمع في صمتها و في سكونها موسيقى ليست كالموسيقى، موسيقى تنبعث بنظرتك من أوتار روح الإنسان الداخلية.
علال فرى
لوحة “عازفة الأمل”