د. أحمد عامر جابر/يناير 2020
فى مؤلفه “الخبرة والطبيعة”، يقول الفيلسوف، عالم النفس والتربية، الأمريكى، الكبير، جون ديوى (صاحب مؤلف “الفن كتجربة”، الذي يعتبر من أهم ما كتب في علم الجمال): ” التواصل هو الأروع من بين جميع الشؤون”. انطلاقًا من مفهوم الخبرة وعلاقتها بالطبيعة ومفهوم الفن كتجربة، يسرنى أن أتناول بقدر ميسر جوانب من سير حياة أو خبرات نفر من الفنانين التشكيليين السودانيين الذين خبروا الحياة في بلدهم وزادتهم أسفارهم في داخله وخارجه تجاربًا عبروا عنها بتفرد، مستلهمين فيه واقعهم الافتراضى والمعاش، بل و ذكرياتهم في مدياتها القريبة والبعيدة من أجل الكشف عن أعماق ذواتهم والتواصل مع الآخرين، لا في جحيمهم (كما يقول سارتر) أو فراديسهم (كما عند ملتون في الفردوس المفقود) ولكن في تلك المشودة، أينما وكيفما وجدت. ما يلي عن فنانتنا:
3) آمال محمود:
وُلدت الفنانة آمال محمود، التي تتنقل بين العاصمة السودانية ومدينة دبلن، بولاية أوهايو الأمريكية، في الخرطوم عام 1950. كانت تهوى ممارسة الرسم والتلوين والأعمال اليدوية منذ نعومة أظافرها وكان لوالديها الدور البارز في تشجيعها. كذلك ساعدت دراستها في “مدرسة الراهبات”، الكائنة في حى الخرطوم شرق، حيث تخرجت في عام 1969، في صقل موهبتها. نالت فترات دراسية مختلفة في الرسم بالنار، في الولايات المتحدة، كما تدربت على استعمال بعض التقنيات الرقمية الحديثة، خصوصًا، المؤثرات الضوئية التي درجت على توظيفها من وقت لأخر.
تمتاز أعمالها بالحيوية والأختزال الذى تجنح إليه عبر استخدام الخطوط البسيطة والألوان المشرقة والبناء العام الذي يكسبها سمتًا خاصًا يمكن وصفه بالتلقائية. هذا السمت التلقائي الخاص، ربما، يرجع لإهتمام فنانتنا التي لا تخفى حبها لإرثنا الصوفى والإحتفاء به، بجانب العمل الاجتماعى الذي عرفت به. بدأت عرض أعمالها عبر مشاركاتها المختلفة في المعارض الجماعية بجانب إقامة الفردية وما تنشره على مواقع التواصل الاجتماعية.
نظرة سريعة على بعض أعمالها ذات المواضيع المتعددة، يؤكد أن دنوها التلقائى من فنها يذكر المتلقى بآخرين عبروا بصدق وبساطة بالغة الحيوية ميزت أعمالهم. إنها تذكر بفنانين مثل، هنرى ماتيس، الذي تميز باستخدامه التلقائى للخطوط والعفوى للون جامعًا بين أكثر من فضاء في عمل واحد. هذا التوجه في بناء العمل الفنى جسدته الفنانة في معظم أعمالها، لا سيما التي تناولت فيها الوجوه أو الأجساد الآدمية، خصوصًا، المرأة التي أفردت لها ككثير من الفنانات والفنانين حيزًا مقدرًا.
عن تجربتها الفنية ودور الفن في حياتها وصدى ذكريات الوطن في أعمالها، تفصح فنانتنا التي تعمل في عدة منظمات طوعية: “العمل اليدوى بكافة أنواعه فن والمعاناة تخلق الإبداع والتميز من خلال مواكبة تطور العصر. الفن ميدان واسع النطاق كمحيط يبحر فيه المبدع بكل ألوان الطيف و باحساسه ومشاعره. كل أعمالى لها علاقة بالوطن وذكرياته الجميلة.”