أصبح الفنان العربي المعاصر أكثر حرصًا علي مواكبة مراحل تطور المنتج الفني حول العالم وبالتالي الحرص علي استمرارية تحديث فكر وفن ذلك المنتج الفني الذي تخلي طواعية عن الصيغ التقليدية بالإضافة للعديد من التقنيات الفنية السائدة وذلك من أجل السعي الجاد والدؤوب لإنضاج المنتج الإبداعي العربي والمساهمة في تأكيد هويته .
وتعد التجربة البصرية المتميزة للفنانة التونسية د.ربيعة الرينشي واحدة من أهم التجارب التونسية التي تواكب مراحل تطور المنتج الإبداعي حول العالم مستعينة علي ذلك بدراستها الأكاديمية وحصولها علي درجة الدكتوراه في علوم وتقنيات الفنون وبالتالي جاءت تلك الخطوة الايجابية بمثابة الدافع المحفز لاستمرارية البحث والتطوير.
وكان لظهور العديد من الاتجاهات الفنية الفضل في تأكيد الدور الإيجابي الذي يقوم به المنتج الفني علي مستوي التحضر الإنساني.
وبنوع من الوعي وثراء الثقافة البصرية والمعلوماتية انتهجت الفنانة مذهبًا للتجريدية التعبيرية التي لا تهتم مطلقًا بتصوير الواقع المرئى بل تحرص علي عدم الاهتمام بتفاصيل الشكل والإبقاء علي جوهر الأشياء.
ومن خلال كل تلك الصياغات البصرية المدهشة والمباغتة حرصت الفنانة في إبداعاتها علي الاهتمام بعمق العلاقة بين الشكل واللون ودقة اختيار الرموز والمفردات الدالة والموحية والمؤثرة وبالتالي جاءت مفردات الفنانة بعيدة عن الواقع المرئى وفي نفس الوقت تحظي بقوة التعبير وبلاغة النص البصري وتمزج بذكاء بين المرئى والمحسوس .
وبناء علي كل ما سبق يمكننا القول حقيقة دون مواربة أن تلك التجربة تحظي بالفعل بنوع من التفرد والخصوصية التي تجلب للمشاهد متعة المشاهدة والازدهار وتدفعه لإعمال الفكر في إبداعات تجربة حققت لنفسها كل عناصر التألق والسطوع.