حكاوي القهاوي: حكايات فنية تنبض بالحياة في أكاديمية الفنون بالجيزة
بتاريخ 19 يناير 2025، افتُتح في أكاديمية الفنون بالجيزة معرض “حكاوي القهاوي”، الذي أُقيم بالتعاون مع ملتقى عيون الدولي، حيث اجتمع الفنانون من مختلف الدول العربية لعرض أعمالهم التي تسلط الضوء على الحكايات والتقاليد الشعبية المتوارثة. المعرض الذي افتتحته الدكتورة غادة جبارة، رئيسة أكاديمية الفنون المصرية، ضم نحو 85 عملاً فنياً لنحو 70 فناناً من أجيال مختلفة، بعضهم من خريجي كليات الفنون، بينما قدم آخرون تجاربهم الإبداعية من منظور فطري أو هواة موهوبين.
بعض الفنانين المشاركين من الدول العربية وأعمالهم:
فريال إسحاق (البحرين) – لوحة “زائرة لمحل البقالة”
تتناول اللوحة قصة امرأة زارت محل البقالة بكامل زينتها، متدللة على صاحب المحل الذي يبادلها الإعجاب. تظهر في الخلفية سجادة صلاة معلقة على الجدار، في إشارة إلى العادات القديمة حيث كان الناس يعلقون سجاد الصلاة كجزء من ديكور منازلهم أو محلاتهم. تعكس اللوحة مزيجًا من العادات والتقاليد المرتبطة بالتفاعل الاجتماعي والحياة اليومية.
مشاعل بنت مشعل الدويّخ (المملكة العربية السعودية)
تمثل لوحتها مشهدًا للصحراء بألوانها الساحرة التي تعكس روح البداوة والتراث السعودي. العمل الفني يعكس الانسجام بين الماضي والحاضر، ويبرز كيف احتفظت المملكة بإرثها الثقافي العريق بينما انطلقت نحو الحداثة والتطور، وهو ما يظهر بشكل واضح في تفاصيل اللوحة.
مها غزال (البحرين) – لوحة “بورتريه”
تقدم مها غزال عملاً يعتمد على أسلوب التكعيبية الرمزية، حيث يتم تقسيم الشكل إلى أشكال هندسية تظهر الوجه بطريقة تجريدية. الألوان الدافئة تعكس المشاعر، بينما الألوان الباردة تعبر عن التأمل. التجريد في تعبير الوجه يعكس مشاعر معينة ويدعو المشاهد للتفكير في المعاني الكامنة وراء الأشكال والألوان. الأشكال الهندسية والحركات المنحنية تساهم في إبراز الحركة والحيوية في اللوحة.
وضحى الكواري (قطر) – لوحة “حياكة شباك الصيد”
ترصد هذه اللوحة مهنة تقليدية شاقة لا تزال موجودة في بعض المجتمعات، حيث تحكي عن عملية حياكة شباك صيد الأسماك التي تتطلب الصبر والتركيز. تضم اللوحة أيضًا دلة القهوة العربية كرمز للضيافة والكرم، مما يربط بين العمل الفني وبين القيم الثقافية للمجتمع القطري.
وفاء بنت سعيد بن خميس المخينية (سلطنة عمان)
يجسد عملها الفني رحلة البحث عن الطمأنينة من خلال ثلاث مراحل تتجسد في ثلاث فتيات داخل اللوحة. الفتاة السفلى تعكس مشاعر الضياع، بينما الفتاة الوسطى ترمز للحيرة والتأمل، وأخيرًا الفتاة في الأعلى تمثل السعادة والاستقرار. استخدمت الفنانة تقنيات متعددة مع لمسات زخرفية إسلامية أضافت بعدًا ثقافيًا للمشهد الفني.
بعض الفنّانين المصريين ومساهماتهم المتميزة:
شيرين حمدي – لوحة “المحارب الأول”
لوحة الفنانة شيرين حمدي “المحارب الأول” تتحدث عن مفهوم المحارب بطرق غير تقليدية. المحاربون في هذه اللوحة ليسوا فقط من يحملون السيوف والدروع على صهوات الجياد، ولا هم فقط الرجال الشجعان الذين يقاتلون بالسلاح من أجل الأمان والأرض. المحاربون هم أولئك الذين يثبتون على معتقداتهم، ويمضون في دروب الصعاب بظهور مستقيمة ونظرات لا تهتز. المحاربون هم الذين يواجهون مصيرهم بإيمان وقوة. فالمحارب ليس مجرد مقاتل، بل هو من يحمل على عاتقه أعباء العالم بإرادة لا تتزعزع وعزيمة لا تنكسر.
سمر حداد – لوحة “رقصة المولوية”
لوحة الفنانة سمر حداد تجسد رقصة المولوية، إحدى أشهر الرقصات الصوفية، مستخدمةً ألوانًا هادئة ومتناسقة، مع تركيز على الأبيض والذهبي. يجمع أسلوبها بين الواقعية والتجريد، حيث تعكس حركة الراقص الدائرية إحساسًا بالاستمرار والاتصال بالكون. تعزز الخلفية الذهبية الشعور بالسكينة والتأمل، مما يضفي على العمل طابعًا روحانيًا عميقًا.
شهد المعرض حضورًا قويًا للفنانين المصريين الذين قدموا أعمالًا متنوعة تعكس التنوع الفني والثقافي الذي تتمتع به مصر. ضمت اللوحات العديد من المدارس الفنية المختلفة، تميزت الأعمال بالمزج بين التراث المصري والحداثة، مما يعكس أصالة الفن التشكيلي المصري وقدرته على التطور الدائم.
المعرض: حكايات مستوحاة من المقاهي
حمل المعرض عنوان “حكاوي القهاوي”، مستلهمًا فكرته من البرنامج التلفزيوني المصري الشهير الذي اهتم بالحكايات الشعبية والتفاصيل التراثية. كان الهدف من المعرض إلقاء الضوء على القصص التي تشكل وجدان المجتمع العربي، حيث يُعدّ “القهوة” أو “المقهى” رمزًا للتلاقي والسرد، وهو المكان الذي تروى فيه الحكايات وتنقل من جيل إلى آخر.
استطاع المعرض أن يجمع بين فنون مختلفة وتجارب إبداعية متميزة، حيث عبّر الفنانون عن قصصهم الخاصة أو التي جذبت انتباههم، مقدمين أعمالًا فنية تحمل طابعًا روائيًا يعكس جوهر الحياة والمجتمع من منظورهم الفني. شهد المعرض حضورًا واسعًا من الفنانين والنقاد والجمهور الذين تفاعلوا مع الأعمال، مما ساهم في خلق بيئة فنية مثرية للحوار والتبادل الثقافي.