الفنانة نادرة العبيدى،فنانة تونسية شابة،عشقت الفن منذ الصغر،موهبتها الفطرية تؤهلها للعالمية ،تتكئ معظم منجزاتها على جسد المرأة فهى ترصد صورة المرأة بمراوحات تشكيلية متنوعة تحمل تعبيرات عالمها ،تميل إلى التعبيرية التجريدية لذلك نرى معظم أعمالها تميل إلى الخيال، كان لموقع عرب 22 هذا الحوار المثمر الملئ بفكر وثقافة العبيدى .
من هي نادرة العبيدي ؟
نادرة العبيدي،هي فنانة تشكيلية تونسية متحصلة على شهادة الماجستير بحث في علوم و تقنيات الفنون، بادرت دراستها منذ الصغر في مجال الفنون التشكيلة و تعمقت أكثر خلال السنوات الأخيرة منذ تحصلها على شهادة البكالوريا سنة 2007، اختارت أن تدرس الفنون الجميلة إلي أن حصلت على شهادة الماجستير في 2013 بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس؛ ولازالت مسيرة البحث العلمي و الفني متواصلة من خلال رغبتها الدائمة في الوصول إلي اجتياز المرحلة الثالثة من التعليم العالي .
متى بدأت الفنانة نادرة العبيدي الدخول في عالم الفن التشكيلي ؟
عالم الفن التشكيلي ،عالم شاسع لا نهاية له،ينبع من الفكرة ليتجاوز جل غاياته نحو التصوير الحسي ؛و يندرج ضمن مرحلة من مراحل تطور الروح الفنية ؛ بتذكير حركات الفنان و تأمله ليتجلي ذاته الحقيقية في عالم الرسم و من هناك ينطلق الإلهام و إحساس الفنان الذي يتفطن من خلاله أنه ذو حس و إبداع فني فتبدأ رحلة البحث مع الألوان والأشكال والخطوط. بدأت الدخول في عالم الفن التشكيلي منذ الصغر .
إذ نشأت في محيط عائلي تمارس فيه والدتي نمطًا من أنماط الفن ألا وهو تصميم الأزياء،و كم اعتدت أن ألامس معها مادتها و تصميمها من أوراق و أقمشة و خيوط و أقلام ملونة لتبدأ الموهبة تنمو و تتطور معي شيئًا فشيئًا لابدأ بتقليد رسمها و أقص والصق مواد مختلفة لاتحصل على عمل بسيط و لكن يكون بالنسبة لي عمل عظيم خاصة حين أجد أعمالي تلصق على جدران غرفتي و أحظى بتشجييعات من قبل والدتي ثم من قبل معلمتي التي تدرس لى مادة الرسم و تطلعنا عن تقنياته بأكثر تعمقًا لابدأ شيئًا فشيئًا بإمتلاك القدرة على تخزين الثقة في نفسي،إني جد مغرمة و بإمكاني أن أطور موهبتي لاحظى بتشجييعات مستمرة،هذه هي موهبة الفن لتحفر في الذاكرة و تجعل الفنان ينمي أفكاره و يعبر عن ميوله من خلال لوحته التي تعكس ذاته الفنية.
ماذا عن بداية اللوحات الفنية الأولى ؟
اندمجت مع الرسم بتعبيرات فنية تشمل رسومات متنوعة تراوحت بين رسم الطبيعة أحيانًا بخامات المادة اللونية أو رسم هياكل أجساد مختلفة أخطها عبر القلم ثم أجسدها داخل اللوحة عبر لطخات و لمسات أضعها بطريقة عفوية أو مدروسة لاستخرج ضمنها تركيبة الجسد بكل تمثلاته و تراوحاته و حركاته داخل فضاء اللوحة. في البداية كانت رسوماتي لا تتخطى أن تكون إلا محاولة بحث أو تخطيط عبر القلم لتكوين تركيبة بسيطة أعالج ضمنها أي فكرة تطرأ على مخيلتي ثم انتقلت مباشرة إلي ملامسة العجائن اللونية و اندفعت نحو تجربة جديدة في التعامل مع قماشة بياض لوحة عذراء. اخترت الجسد بكل تراوحاته اللونية و تمثلاته الشكلية ليكون موضوع لوحاتي و جعلته كتعلة بحث عن مختلف التقنيات التي أنشئ ضمنها مواضيع مختلفة كصورة الجسد الواقعية و الخيالية ، أبعاده التشكيلية ، تعبيرية الجسد ، حركة الجسد ، فعل الحركة و حركة الفعل .
بدأ الجسد يمثل العنصر الأساسي لأغلب لوحاتي و قد كان هذا الاختيار اختيارًا شخصيًا و ممنهجًا منذ أن تأثرت ببعض الرسومات التي كنت أطلع عليها في بعض كتب الرسم الخطي التي تحوصل كل تقنيات الرسم الهيكلي للجسد فوجدت نفسي اندفع في كل مرة إلى رسم نماذج خطية أما أن يكون فيها الجسد متكامل الابتعاد أو تنفصل أجزائه عن بعضها البعض لأحلل تركيبته و مكوناته وأتدرب على تقنياته الخطية و اللونية لرسم تفاصيله، فأدركت أن الجسد بتأويلاته يحتوي على تراكيب معقدة بكل تفاصيلها وهذا ما حرك بداخلي رغبة التعامل مع الرسومات المعقدة التي توحي بمغامرة ممتعة. بحثت في لوحاتي الأولى عن تركيبة متوازنة لاملأ بها الفضاء فاخترت أن يكون فضاء لوحتي مقسمًا إلي جزيئات ووحدات تحدد خلالها كل جزء من أجزاء الجسد ،كيف يرسم الجسد (الهيكل) ؟ وأين سيكون تموضعه داخل الفضاء ؟ و ماهي التقنيات و الألوان التي تقربنا من واقعيته؟ .
وجدت صعوبة طفيفة في كيفية تعاملي مع مادتي اللونية و طرق البحث عن الخامات و التقنيات التي أجعل خلالها الجسد متمسرحًا داخل اللوحة بطريقة تعبيرية،فنية. تعاملت مع الجسد تعاملاً تشكيليًا ،وكنت أسعى إلى اكتشاف خصائصه شكلاً و لونًا برسومات خطية لوضع الخطوط التي تحدد أبعاد الجسد من (طول و عرض و ارتفاع) و التقنيات التي تشكيل المادة وتحدد نتوئاته البارزة و الغائرة، فأصبح الجسد كتعلة بحث بدأت بمحاولات خطية بسيطة لتتحول إلى لوحات أواصل خلالها رحلة البحث التشكيلي مع الجسد .
لمن ترسم نادرة العبيدي و لماذا ؟
تخصصت جل رسوماتي في رسم مختلف حركات الجسد و خاصة الجسد الأنثوي بيلونته و حركته و تعبيريته وألوانه الأنثوية،فالخامات اللونية الفاتحة تشعرني بالارتياح ،رغم أني أحيانًا لا أعبر عن هدوئي بل أتعامل مع المادة بطرق تعكس حركتي و تعنفي و تشنجي على اللوحة فتنفجر داخلها كل طاقاتي التعبيرية ،فما أضعه من خطوط و مسطحات و لمسات و لطخات غالبًا ما أجسدها بطرق عفوية.
أرسم معارفي التي تعكس ميولاتي فتشعرني براحة نفسية لأعبر ضمنها عن أحاسيسي و أنقل ما بداخلي من ميولات بنمط تشكيلي مع ضربات الفرشاة التي تحمل بصمتي …فأرصد صورة المرأة مراوحات تشكيلية متنوعة تحمل تعبيرات عالمها التي تعالج مواضيع مختلفة ، الجمال ، الأنثوية و ليونة الحركة ،التعبير الذاتي عن ما يخالج الروح و البحث عن ما يعكسه الجسد بطريقة تشكيلية تعبيرية تجمع بين صور الواقع و الخيال… أرسم لذاتي ،و لتجسيد أفكاري الفنية التعبيرية التي انطلقت من ممارسة حركة الفعل و تحول إلي فعل الحركة لتجعل جسدي التشكيلي يتأقلم داخل فضاء اللوحة بنسق تعبيرية و أعبر عن أسلوب فني خاص بلمستي الفنية التي تحمل أسلوب فني جديد أجمع خلاله بين التعبيرية و التجريدية.
ماهي نظرتك إلي الفنانات التشكيليات وكيف تقييمين نتاجاتهن…؟
لو حاولنا التطلع و البحث داخل معارفنا الضيقة لأدركنا أن العديد من التجارب التشكيلية للعديد من الفنانين التونسيين قد شملت إبداعات و تعاريف مختلفة كل حسب تجربته قد تكون إما نتاج لمعارف أكاديمية أو حوصلة لإنتاجات فردية ،فنظرة الفنان دائمًا تكون معمقة ،ناقدة ، عين ملمة بما يحويه العالم الفني من مضامين فكرية تعبيرية ،لذلك فإن نظرتي لبعض الفنانات التشكيليات إن كانت من تونس أو خارج تونس هي نظرة متفائلة لما تعبر عنه المرأة من وحي الالهام بما تنتجه أناملها ،فالمرأة عالم تحمل عالم الفن داخلها فيتخبط كجنين إلى أن تحين ساعة الولادة من رحم الإبداع .
أذن أهنئ و أشجع كل امرأة على الساحة الفنية ترسم و تفكر و تنتج لأن المرأة كائن حساس و أقرب شئ إلي فكر الفنان هو إحساسه و أفتخر بكل فنانة جعلت من الفن طريقًا تشق و تسلك خلاله حياتها نحو طموح أفضل وأحسن،لأن غاية الفنان الناجح في حد ذاته ليست الشهرة بل أن يسلك طريقه الفني بنجاح و يحاول من خلال لوحاته أو منحوتاته أو أعماله الفنية أن يترك بصمة تحفر في أذهان الأخرين و يعيش حياة الفن للفن.
من هو الرسام العربي الذي أثر بك كثيرًا على المستويين الشخصي و الفني ؟
تأثرت خلال تجربتي الفنية و منذ أيام الدراسة بالرسام ” المنجي معتوق ” فهو أستاذ قبل كل شيء درست عنده السنة السابقة للتخرج فقد تعلمنا من خلاله تقنيات مختلفة و متنوعة طلب منا حينها التعبير عن عدة مواضيع و في كل نشاط نعالج اشكالية فنية معينة نغير ضمنها تقنيات الرسم و طرق التلوين و وضع المادة اللونية الا أن تطرقنا إلي اكتشاف و معالجة تقنياته الخاصة به في رسمه للجسد وهي تقنية ” الأبونش” ،هي تقنية خاصة بالفنان ” معتوق ” و تتمثل في استعمال” الإسفنجة ” éponge في وضع لطخاته و مسطحاته اللونية دون استعمال الفرشاة أحيانا لتترك له أثرًا لونية رائعًا و كمدات قد تصف حرارة اللون و توهجه إذ يعالج هذا الفنان التعبيري خصوصية الجسد عبر جدلية التكامل بين الرسم الخطي و اللون لأنها في الغالب ما تستخرج الجثث أو الأجساد المتمسرح على فضاء اللوحة من باطن اللون دون أي سابق إنذار أو رسم و تحديد لأبعاده بقواعد و ضوابط فنية كلاسيكية… الرسام المنجي معتوق ” يتعامل مع الجسد تعاملا جليًا ” كما عبر عن ذلك الأستاذ ” حمادي الدليمي “. كان تأثري بالفنان ” المنجي معتوق ” تأثرًا عميقًا على مستوى شخصي و فني لأن لوحاته تلامس الجسد كعنصر أساسي مستقرًا داخل اللوحة, و هذا ما جعل هناك تقارب بيني و بينه .
من أين تستمد العبيدي مواضيع أعمالها ؟ و متى ترسمين لوحاتك ؟
يلعب الخيال دورًا هامًا في حياة الفنان ، فلوحاتي مستمدة من وحي خيالي بإعتبار أن الأسلوب الذي اتبعته هو ” التعبيرية التجريدية ” فقد تميز هذا الأسلوب بجانب كبير من التأويل و الخيال و قدرة الرسام التعبير عن صورة الأشياء المستوحاة من الواقع بطريقة تعبيرية تجريدية ، فالتأويل و التحويل و التحوير و التشويه و التغيير في واقعية الأشياء يتطلب خيال فني شاسع و بالتالي تجد في لوحاتي تلقائية ،عفوية الرسم التي تعكس عفوية حركة الجسد بفاعلية خطوطه و مساحاته و فاعلية المادة فتحدث تراكمات تتبلور ضمنها الفكرة و تستمد منها الأشكال لتبرز تعبيريتها داخل الوحة… أفكاري لا ترتبط كليًا بالواقع بل تأخذ جزء منه و جعلتها تتجرد من كل انتماءات حضارية أو تاريخية لتفتح أبواب التعبيرية عن صورة المرأة المعبرة عن الجمال و الإندفاع و انسيابية حركة جسدها فهي انعكاس للأمل و الحب و الحياة بالإضافة إلي بعض اللوحات الأخرى التي مالت إلى اللاواقية ، و جعلتها تنحدر نحو الطابع السريالي حيث أجمع فيها بين الأشياء المختلفة لتكون تركيبة تشكيلية مثل الجمع بين الصفات الإنسانية و الصفات الحيوانية في نفس الوقت أو أجسده أسلوب التشويه على الجسد.
هذا إلي جانب أسلوب التضاد الذي غالبًا ما جسدته في لوحاتي لأنها تعكس أساسًا حالتي النفسية فأحيانًا أرسم ألوان زاهية معبرة عن الحياة و التفاؤل و الفرح و أحيانًا أخرى تنعدم الحياة و الألوان من قماشتي ، لأكتفي بوضع رماديات تجمع فقط بين الأبيض و الأسود كمراوحة بين الخير و الشر ،الحياة و الموت ، فيكون فيها قلقي و توتري ..تلك هي التعبيرية تجعل الفنان يعبر عما بذاته ، تجعله في حيرة دائمة بين أخذ وعطاء يرسم ما يراود أفكاره و يعبر عن أحاسيسه بطريقة واقعية أو تجريدية. غالبًا ما ألامس مادتي اللونية عندما أكون في حالة توتر و قلق فأعكس كل الطاقات على اللوحة أو ورق أو ما يتوفر لدي وأفجرها عبر تلك الخطوط و الألوان والأشكال والمساحات أوأوظفها بلطخات عنيفة تصف تداخلات متوهجة في تركيبة الجسد تتراوح بين الوضوح و الغموض لتصبح حلبة اللوحة مزيجا من التباينات اللونية فما أرسمه يعكس حركاتي العفوية أو ما أحسه داخل ذاتي أو أبين من خلاله حركة الفعل التي تتحول إلى فعل الحركة التي سيعبر عنه الجسد التشكيلي من خلال خطوطه و أشكاله ،لذلك أرى أن صورة الجسد هي أكثر صورة ممكن أن تعبرعما يحمله الفنان بداخله لتجعله قريبًا من ذاته في تحاور مستمر مع نفسه و مع لوحته لتولد ذات جديدة من رحم اللوحة .
هل يحتاج الفنان إلى جو نفسي معين لكي يرسم و يبدع ؟
للفنان طابع و جو فني خاص به لينتج وجوده التشكيلي و يحقق من خلاله تواجده و بصمته الفنية ليكون مهيئًا فكرًا وجسدًا فيرسم و يتحاور مع مادتها ،فالألوان هي التي تعكس ارتياحه أوقلقه و بالطبع إن كل فنان له مطبخه الخاص و ورشته التي ينفرد فيها و يعيش داخلها حياته الفنية ،فيلامس واقعه بطريقة تعبيرية فنية، و كل فنان ينفرد بجو نفسي خاص به فهناك من يرسم في حالة ارتياح وهناك من يرسم في حالة قلق و بالنسبة لي يعد الرسم دواء أعالج به قلقي و توتري لأحس فيما بعدها بارتياح عميق ينشئ مع إتمام كل لوحة.
كيف تقييمين التجربة التشكيلية التونسية في المرحلة الراهنة ؟
أقيم التجربة التشكيلية التونسية أنها تتطور شيئًا فشيئًا مع إبداعات العديد من الفنانين الذين يسعون أساسًا إلى ممارسة الفن بطرق حديثة تبرهن تخطي الأبعاد التقنية من مرحلة إلى مرحلة أخرى فلا يتحوصل الفن التونسي في حلقة أورقعة ضيقة بل ينفتح إلى ماهو أوسع و أشمل ليتخطي حدوده المعرفية ، فتتطور ضمنه الأفكار و يصبح هناك تبادل فكري بين مختلف الفنانين من كل أنحاء العالم وأجد حسب رأيي أن التطور العلمي و بروز مواقع التواصل التكنولوجي ساهم بشكل فعال في تقرب الفنانين من بعضهم البعض و تبادل معارفهم و أفكارهم ليكون الفنان بتعبيره و لوحاته متواجدًا ضمن الساحة الفنية لتجنب التقوقع و التحجر الفكري و الفني… فما ألاحظه من خلال التجربة الفنية التونسية هو التطور و السعي نحو إحياء الفن التونسي دون التخلي عن واقعنا و أصالة فنوننا كي لا يفقد الفن التقليدي قيمته الأصلية مع تحديثه دون أن نميت التاريخ الفني الذي تركه السابقون في مجال الفن.
ماهي الملامح والسمات الخاصة التي تميز الفن التشكيلي في تونس و تحدد هويته ؟
الفن هي قدرة لاستنطاق الذات بحيث تتيح للإنسان التعبير عن نفسه أو محيطه بشكل بصري أو صوتي أو حركي، ومن الممكن أن يستخدمها الإنسان لترجمة الأحاسيس والصراعات التي تنتابه في ذاته الجوهرية… فما يميز الفن التونسي من سمات هو نشأة الحركة الفنية الحديثة في تونس على هامش الثقافة التقليدية بتأثير التيارات الغربية، فقد كان التراث الجمالي العربي الإسلامي دائما قيمة مرجعية لإبداع الفنانين التونسيين، فيستقي الكثيرون منه بعض عناصر أعمالهم، منذ بدايات التجربة التشكيلية بمفهومها الحديث، حتى وإن استندوا في الأساس إلى رؤية جمالية غربية.
وبتطور الحركة الفنية التونسية برزت اتجاهات أخرى حاولت الارتباط على نحو أكثر عمقًا بالموروث الجماعي، وبناء تجربتها على مجموع التعبيرات الفنية الإسلامية. وبالإضافة إلى فنون العمارة والرقش العربي والخزف التقليدي والصناعات الحرفية والتجليد و الزخرف وغيرها من انماط الفنون الأخرى… وعبر مراحل تنشئ و تتكور لتنفتح على البيئات الثقافية المجاورة، كما يشتمل في أسسه الجمالية على تأليف من الفن الغربي لتصبح عناصره مستقاة من التقاليد العربية الإسلامية ،لذلك فالفن التونسي يبقى له حكرًا و بصمة خاصة به تحمل تراثنا و رموزنا و بصمة فنانينا.
هل لنا أن نتعرف على أبرز الأسماء المبدعة ذكورًا و إناثًا في تونس ؟
ينتمي أغلب الفنانين التونسيين من الجيل الثاني إلى ما يسمّى مدرسة تونس. و “مدرسة تونس” هي أول جماعة فنية تضم فنانين تونسيين في تاريخ الحركة الفنية، وإن كان مؤسسها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فنّانًا فرنسيًا يدعى بيار بوشارل. وقد انتسب إليها من الرواد ” يحيى التركي ” و “عمار فرحات ” ، ومن الجيل الثاني جلال بن عبد الله، وعبد العزيز الڤرجي، وعلي بالاغا، وصفية فرحات، وزبير التركي، والهادي التركي، وإبراهيم الضحاك، ومن الجيل الثالث (الذي برز إلى الوجود بعد استقلال البلاد (1956)و حسن السوفي، وعبد القادر الڤرجي والتحق بها أخيرًا فتحي بن زاكور….ويتميز كل فنان من الجماعة بمسار خاص، ولكن الأغلبية على إتفاق حول جملة من الرؤى الجمالية، وهم يتحلّون بقدر كبير من الانضباط والتضامن وهو ما جعل “مدرسة تونس” أكثر الجماعات تماسكًا، بحيث لا تزال تنشط على الساحة الفنية، بخلاف جماعات كثيرة أخرى، ظهرت بعدها ثم اختفت لافتقارها إلى التنظيم.
ورغم إنعدام أهداف جمالية وصيغ تشكيلية محددة ومشتركة بين أعضاء الجماعة، فإنهم توصلوا بالممارسة إلى تقديم صورة عامة مشتركة عن الواقع تستند إلى حس خاص يترجم عن تعلّق بالقيم الجمالية والعاطفية للحياة التقليدية والثقافية الشعبية، وعن تثمين للتراث الفني. ويمثل هذا التوجه خاصة الفنان “يحيى التركي ” ، و”عمار فرحات “، و”زبير التركي” و” عبد العزيز الڤرجي”… إلي بروز ثلة من الفنانين الجدد الذين تتلمذوا على يد الكثيرين منهم أمثال : ” محمد بن مفتاح “، “الحبيب بوعبانة ” “نور الدين الخياشي ” ،”أحمد الصوابني ” “محمد مالكي ” ،” محمد الهادي الشريف “،”إبراهيم العزابي “،”عبد العزيز كريد “… ” بلوغًا إلي دكاترة الفن في وقتنا الحالي أمثال :”الحبيب بيدة ” ،”عائشة الفلالي ” ،”نادية الجلاصي ” ،”سامي بن عامر ” ،” نور الدين الهاني ” ،”فاتح بن عامر، ” نعمان قمش ،” منيرة بن مصطفى ” .كما أن الفن بلا حدود فإن الجيل الفني يتوالد عبر الفترات وصولاً إلى جيلنا نحن كفنانين مبتدئين.
ماهي الصور التي تتشكل فيها المرأة من خلال لوحاتك ؟
كان المبحث الأساسي لموضوعي هو “الجسد ” لما يحتويه من ثراء و أبعاد خصوصية معبرة داخل الفضاء التشكيلي ،فعالم المرأة يملؤه الغموض فهو في حاجة إلي البحث و التفسير المتواصل و هذا ما دفعني إلي مقاربته تشكيليًا بطريقة تخول لي اكتشاف تجلياته عبر البحث عن كيفيات استظهار شكل الجسد و أفعال حركته الجسدية و التحرر من الحواجز التصويرية و التعبيرية .حاولت إخراج الجسد في طابع تشكيلي مختلف عن طابعه و شكله الاعتيادي عبرت عن ،ليونته ،التواءاته ،انسيابيته ،مفاتنه، نحالته ،تضخمه، استقامته ،انحناءه ،تمططه… فأوزع المادة اللونية على المحمل بطرق اعتباطية أعكس خلالها حركة جسدي على اللوحة أي حركة توزيعي للألوان لابدأ بتشكيلها وأجعل منها وسيلة للإدراك الجمالي داخل اللوحة، وأنسجم في تفاعل محكم مع حركة جسدي أثناء الرسم وأسعى إلي التعايش معه بطرق استحضر خلالها مشاعري و أحاسيسي الفنية بغاية الولوج إلي عالم أخر أحاور فيه خيالي بعيدًا عن القيود و الحواجز عبر ملامسات و دلالات فكرية ،ايحائية تمزج بين تشكيل الجسد و الجسد المشكل لأحداث ديناميكية نابعة من فاعلية الهاجس التشكيلي و فاعلية الحركة فيتحول الفضاء التشكيلي حامل لقراءات تشكيلية تعبيرية تتراوح بين التجريد والتشخيص الطفيف أحيانًا، فيصبح المشاهد للوحاتي قارئًا ،مفكرًا متسائلاً عما يعنيه هذا الجسد التشكيلي ؟ و ماهي الخفايا التعبيرية التي بداخله ؟ و ما معنى الصورة التي تتشكل فيها المرأة…؟
ماهي مشاريعك القادمة في عالم الفن التشكيلي ؟
بعد ما اتيحت لي فرصة المشاركة في معارض مختلفة في عدة بلدان ،إن شاء الله سيكون لي مشاركة في الشهر الثامن القادم في ” الأردن ” و بعدها سابدأ بتحضير سلسلة جديدة من اللوحات أهيئ خلالها ثاني معرض خاص لي و أطور ضمنه تعاملي التشكيلي مع الجسد لأجعل التعابير اللونية طاغية على شكل الجسد لتصبح اللوحة أكثر غموضًا و يصبح الجسد مخفيًا أكثر داخل ثنايا اللون يصعب على المشاهد البحث عنه كما كان النموذج في اللوحات الثلاثة التي عرضتها في معرض تركيا. طموحات الفنان لا تنتهي و ما أسعى إليه هو تكبير ورشتي و أجعل جزءا منها قاعة عرض. لأن البعض من أنشطتي التنسيق في تظاهرات فنية يتطلب مني توفر فضاء شاسع لاستقبال الفنانين… و الله ولي التوفيق
كلمة أخيرة لمحبى الفن التشكيلى فى الوطن العربى
كلمتي لمحبي الفن في الوطن العربي ،أسال الله أن يوفقكم جميعًا و يجعل لنا البركة في كل مشاريعنا الفنية القادمة و أتمنى أن يعم الاستقرار و النجاح الفني في كامل البلدان العربية.
لديك أيادي ذهبية يا فنانة