جلال جمعة فنان مبدع ومجيد وله عالمه الخاص .حينما تدخل إلى هذا العالم ستجد سمات اﻹجادة الفنية متمثلة فى العديد من السمات التى تتوافر فى أعمال هذا الفنان الذى تفرد فى أعمال تلخصها سمتان بارزتان وهما البساطة والتميز .
تتأمل التماثيل التى تتواجد على جدران قاعة “ آرت كورنر “ بالزمالك حيث تعرض أعمال فنية ذات قيمة وتأثير علي الوسط الفنى وعالم الفنى التشكيلى. حينما تدلف إلى القاعة ذات الحجرات الثلاثة والتي تضم أعمال الفنان “ جلال جمعة” تجد ذاك التفرد الذى تتسم به أعمال هذا الفنان المبدع والمبتكر. تقترب منه فتجد ألفة تضم العالم كله وتنظر إليه وهو يرسم بالسلك بورتريهات فى منتهى الروعة تعكس بروفايل الشخصية الواقفة أمامه. تحار فى أمر هذا الفنان المجيد وأنت ترى أنامله تعزف بالسلك وجوها وتلتقط معان حلوه . وترى يد الفنان تستخدم السللك وهى تفجر من انحناءاته عالما نراه ونحسه بل نسمع صراخه وندرك جماله وروعته.
الفنان “جلال جمعة” يخرج لنا بيديه منحوتات وكأنى به كالنحلة التى تحوم فى الحدائق تأخذ الرحيق لتخرجه لنا شهدًا مصفى . نقترب من لوحات الفنان ونرى فيها نبضات دافقة للكائنات الحية من حوالينا.
يعتمد الفنان على معين ﻻينضب من اﻷفكار التى تنسرب على خطوط السللك حيث نرى الصور فى تنويعات معينة من التكثيف ، فنرى المنحوتات فى خطوط مباشرة تؤطر الشكل وتنقل لنا زخم الجرم الذى تكمله المخيلة ، وهناك تراكب فى الخامة أحيانا من أسلاك ذات مقاسات مختلفة تجعلنا نعيش وهج الحالة الوجدانية التى يعيشها الفنان المبدع ، بل إنها تضعنا فى حالة مزاجية مشحونة بتوتر انحناءات السلك وصعوبات ثنية لتفجير طاقاته التعبيرية .
تجرى أعيننا على خيوط المادة التى تتشكل منها المنحوتة ونحن نرى فيها امتداد شرايين من المعانى كأنها ضخ الدماء فى جسد المنحوتة النابض والمتفجر. معان نلقاها أمامنا نحسها وننفعل بها و يزداد حبنا للفنان الذى لاتفارقه البسمىة وهو يستخدم أداته فى ثنى السلك وكأنه يحادثه ويفجر طاقاته التعبيرية فى تواز مع الحياة وتناغم مع مخلوقات نراها من رؤية جديدة كأننا نراها للمرة اﻷولى فى منحوتات هذا الفنان المبدع الخلاق، فنرى الطيور طيورًا أخرى ونرى الأسماك أسماكًا أخرى ونرى المراكب مراكبًا أخرى ، إننا نرى عالما موازيا مفعما بكل المعانى.
حينما النظر إلى بعض المنحوتات والتي تتفجر بالحركة ، سنجد أن هذه المنحوتات تتميز بموران فى داخلها ، حيث نرى اﻷفراد فى تفاعل أو نشاط رياضى أو فنى يعكس نوعا من التوازن النفسى الذى نحسه فى تضاعيف ثنيات السلك ، نقف أمام المنحوتة ونلف حواليها ونحن نجدها تكاد تتحرك . نرى الطبيعة فى الأسمالك والحيوانات المختلفة ، ونرى هناك بعض المنحوتات التى أرى فيها زخم المادة فى تفجير للمعانى ، حيث نراها قد تنوعت حينما عبرت عن من يمارسون الرياضة أمثال نط الحبل ،اﻷكروبات وقيادة الدراجة وغير ذلك من مناشط الحياة.
وأحيانا نلتقى بلوحات للفنان القدير “ جلال جمعة” وقد أضاف إليها اللون لتتفجر المعانى من داخل المنحوتة و تظل هذه المعانى دائمة فى المخيلة أنها ببساطة عبقرية نقلت أبلغ المعاني بأيسر الخطوط . هنا تتجلى عبقرية الفنان الذى استطاع أن يشدنا إلى عالمه الرحب الكبير والذي أضاف لنا الكثير بل أضاف إلى مخزون احساستنا الشئ الأكثر والأدوم أﻻ وهو البهجة.
نرى فى المنحوتات حركة موارة تتفجر من ينابيع متعددة وفى ذات الوقت تنقلنا إلى خصوصية تتجلى فى كل منحوتة وكأنها قصة قصيرة تحكي فى اختصار شديد مايدور فى عالم خالقها أو مايدو داخل المنحوتة ذاتها من تفاعلات – إن جاز التعبير- و نرى فى الحركة الحرية التى نريدها و نبتغيها ، بل ونحس من فرط جمال المنحوتات أننا نشاركهم أفراحهم و بهجتهم.
فى خاتمة تجوالى السريع فى معرض “سحر الأسلاك” للفنان مبدع “جلال جمعة” ذلك المعرض المقام في قاعة “آرت كورنر “ بالزمالك وسيستمر حتى ١٢ مارس الحالى ، حيث نرى جمال النحت وجلاله فى تعامل مع خامة استطاع الفنان أن يفجر منها و بها كل المعانى التى يمكن أن يعبر بها الفن التشكيلى عن الحياة والأحياء.