عرض / محسن صالح
حينما تدخل إلي معارض الفن التشكيلي ، فإنك تترك خلفك كل هموم العالم وارتباطاته ومنغصاته وتدخل إلي محراب ذي جلال وبهاء و ذي أثر . تدلف إلي مكان له اعداده الخاص، رتبه لك فنان مبدع أو فنانة قديرة متمكنة فتتملكك الراحة من عناء الخارج وضغوطه . و يزداد الأثر في النفس إذا ماوجدت نفسك في واحة غناء مترعة عن آخرها بما لذ وطاب من أروع اللوحات ، فتظل تنتقل من لوحة لأخري غير عابيء بالزمن أو الأشخاص ، فقط عالم اللوحات الشيق الجميل وعالم الفن التشكيلي البهي الراقي.
حين تدلف إلي معرض الفنانة ” أسماء سامى” المقام في إحدي قاعاتي بيكاسو للفن بالزمالك ، حيث الجميل من الفن التشكيلي ورواده ، ذلك المعرض المقام حتي 16 يناير 2020 تحت مسي ” تلك الرائحة” –حين تدلف إلي المعرض تشعر بأنك دخلت إلي عالم أخر بعيدا عن صخب الشارع القريب وصراخ من فيه ، عالم اللوحات الرائقة المفعمة بالروح والحركة والبهاء ومن خلال تطوافنا داخل هذا المعرض يمكننا أن نلمح إبداعات الفنانة المتميزة في لوحات رائعة بهية.
أول مانلمحه في لوحات هذا المعرض عدم وجود ملامح لشخصيات اللوحات ، وكأني بالفنانة المبدعة تريد أن تنقل لنا حالة نفسية وشعورية تطفر من بين ضربات الفرشاة ، فهي لاتريدنا أن ننشغل بتفاصيل الوجوه ، بل بالقالب أوالفورم .و هي في هذا تنقل لنا نبض الطبيعة حينما تشير ولاتفسر بل تترك خيوطا كالحلم ونداوة الفجر. نري في اللوحات الجسد كتفاعل مع معطيات الواقع المحيط في أخذ ورد وفي اندماج وانفصال ، اندماج الكتل وانفصال الكينونة . نقف أمام مفردات من الواقع المحيط كالطيور المحلقة وأسراب النحل وهفهفات الورود وامتدادات المياه كأننا حيال بوتقة الحياة تصهر الكل في معين واحد نحبه ونريد أن نراه علي الدوام . إن فنانتنا الشابة المبدعة تضع البولوفنية والتي تضم توازيات من عناصر متباينة لتخلق نغما حلوا رائقا نراه وكأننا نسمعه ونسمعه كأننا نراه.
تترايء لنا في ملمح آخر معان الحركة ، الجرأة ، السيطرة ، النماء ، الجمال ، الدلال ، البهاء ، الرونق ، والتأثيرمن بطلات اللوحات ، فنرفع القبعة عالية ونصفق بأيدينا وتلهج ألسنتنا بالمديح لهذه الفنانة التي قدمت سيمفونية المرأة ككيان مليء بالحيوية ويصرخ بالكمال والحركة . يساعد علي نقل هذه المعاني الحركة التي نراها داخل كل لوحة ، فلا ندري هل الحركة من الدينامية ذاتها أم من تماهي الألوان المائية وشفافيتها كأننا في ضبابية الحلم وأثيرية المعاني وجلال المكان كأننا في فردوس خاص.
هناك البساطة في اللوحات ، حيث لانري التقعر الذي نقابله في معارض أخري فنجهد الذهن ، بل نري المعاني تنطق بها اللوحات تتضافر في ذلك الألوان والحركة وضربات الفرشاة وزوايا التعبير وغير ذلك من تقنيات أرادت بها الفنانة أن تنقلنا لعالمها فانسربت نفوسنا وأرواحنا هناك بين اللوحات وصرنا جزءا من عالم نحبه ونقبع فيه.
الملمح الأخير في هذا المعرض يتمثل في الإقدام الذي نراه لبطلات اللوحات وكأني ببطلات اللوحات يقلن لنا ، نحن هاهنا نصف المجتمع ، ننطلق و نتفاعل مع من حولنا في جمال ورقة وجرأة المرأة. إننا هنا في عالم المرأة في تأملاتها ، في جلساتها الخاصة مع زميلاتها ، في انطلاقها و في بهائها. تساعد علي ذلك باليتة لونية ضافية تشف وتشير إلي الحالة النفسية لبطلات اللوحات وكأننا نشعر في ضربات الفرشاة بالمضامين ونحس بالمعاني في التشكيل اللوني.
تنتهي جولتي في معرض الفنانة المبدعة ” أسماء سامى ” والتي عكست في لوحاتها لقطات حية نابضة وضعت فيها من روحها قبل ريشتها الكثير . إنها لوحات رائعات لاتنساها أبدا حينما تراها لأنها ببساطة هي الحياة في أروع وأجل وأبهي صورها أمامنا تهديها إلينا فنانة مجيدة و متميزة ومبدعة . فألف تحية للفنانة المبدعة علي هذه الأعمال الضافية.
مقال جميل و لغه رائعه و حضور طاغي للوحات والفنانه
تحياتي ا. محسن