التشكيلى ماجد المفرح:لوحاتى مشبعة بالذكريات بطلها دكان أبى
ماجد سعود المفرح، فنان تشكيلى سعودى من مواليد الرياض عام 1977م، بكالوريوس إدارة أعمال من جامعة الملك فيصل بالأحساء، أقام معرضه الشخصي الأول فى أبريل 2016م فى جاليرى نايلا بالرياض تحت عنوان (نوّل). له العديد من المشاركات وإقامة المحاظرات بجامعة الملك سعود.
تحدث المفرح عن المعرض, قائلاً:” نوّل، لوحات مشبعة بالذكريات، بطلها دكان أبى؛ لم يكن دكانًا صغيرًا ساكنًا فى قلب سوق الزل فى الرياض، بل كان عالمًا كبيرًا ساكنًا فى قلبى الصغير، عشته حياة كاملة قبل أكثر من ثلاثين عامًا بكامل تفاصيله التى شكلتنى، ومازالت تنبض جمالياتها وحياتها فى شرايينى، فبخورها وعودها عطرى وزعفرانها لونى، ونسيجها أوردتى ونقوشها بهجتى وهمس حريرها راحتى”.
ويضيف المفرح: “كل يوم كان رحلة جمال تصافحنى، فى دخول هذا العالم المسكون بالجمال يبدأ بطقوس الحياة، السوق، الصوت، الصخب، الناس، المارة ، الوجوه ، الأبواب العتيقة، تضاريس الزمن على سفوح الجدران ، كلها جمال يبدأ بأطراف السوق ويجمع أقطابه دكان أبى “رحمه الله”، بل فى قلب أبى، سجاد ساحر بسعر باهظ على جدار مهترئ، عود فواح فاخر فى صناديق متآكلة مهشمة الأطراف، تناقضات هى أم بساطة وثنائية حياة !؟ “.
منها ومن كل طقس عشته وكل سؤال كبر معى عن تلك الحياة أنثر أعمالى فى هذا المعرض بكل بساطة، البسط المزخرفة والجدران المحملة بالذاكرة، لأستجلى تعبيراتى وحياتى بصدق فى لوحاتى.
عن أعماله كتب الناقد الفنى الدكتور حكيم عباس قراءة بعنوان (المفرح طفلاً يختال بأحلامه فينساب فيروزُا وزعفرانًا ): «المفرح، تميّز فى أمرين بارزين، سادا معظم لوحاته: الأول، قدرته على التجريد، إذ استطاع بسلاسةٍ دون تكلّف، تقديم عالمه، والبيئة التى تشكّل فيها حلمه حتى أدقّ التفاصيل، بمفردات تشكيلية أصيلة، تحمل بصمته هو وبصمة عالمه، مُحمّلة بالدّلالات التى خصّصها ليُحيلنا لها، دون أن يقع فى التكرار أو أن تُستهلَك فتتسطّحُ وتذبلُ، إذ نجح بجعلها كائنات حيّة دافئة، شجيّة، تحنّ وتأن أحيانا، ترقص وتفرح أحيانًا أخرى، محافظًا على دفئها، بل دفء الحياة فيها. الأمر الثاني، نجاحه فى إبداع تقنيه خاصة به، مكّنته من استعراض عالمه بعد إخضاعه للتّجريد، ليُخضع اللّون وجموحه».
قال عنه الكاتب فيصل الخديدى فى صحيفة الجزيرة فى مقال بعنوان “ماجد المفرح … وشم من الذاكرة”:
يقول فيثاغورس (إن الشكل يتعدى مفهوم الهيئة ويقترب من مفهوم القيمة). وبين الهيئة الظاهرة والقيمة الكامنة ينحت الفنان ماجد المفرح تجربته الفنية بتلقائية وتجرد وتمكن مستحضرًا الشكل أحيانًا فى بعض أعماله أو أجزاء منها، ويغيب الشكل فى أخرى، ويبقى أثره لونًا أو شيئًا من رمز أو حتى خدشًا, مستمدًا ذلك كله من ذاكرة الطفولة الموشومة بكثير من الصور البصرية والمفردات والعناصر لحياة طفل عاش تفاصيل جمال وحيوية وصخب فى سوق حياة ونبض تنوع وثراء في الألوان والقيم والحنين والعراقة والأصالة، انطلقت من قلب دكان أبيه؛ لتجوب عالمه الصغير فى حينه بين طرقات سوق الزل وتفاصيل منسوجة فى ذاته معلقة على جدران القلب قبل أن تعلق على جدار الذاكرة فى سوقه المسكون بداخله بكل تفاصيله ونبض حياته التي يستدعيها فى أعماله بكل يسر وسلاسة من ذاكرة ممتلئة بالجمال والحياة وسمًا ووشمًا، ويقدمها بنضج تشكيلى وبناء فنى غنى يتجرد من القصدية والمباشرة، ويخرج من قيد الأشكال المحددة والصورة النمطية المكررة إلى فضائه المتسع بكثير من الحياة والتفاصيل.
قدم الفنان ماجد المفرح نفسه بشكل ذكى ولائق بقدراته من خلال معرضه الشخصي الأول (نول)؛ فبدأ من القمة، وهو أمر بالغ في الصعوبة أن يبدأ الفنان مصافحته للساحة بقوة وتمكن وقدرة عالية، تصل حد الإبهار فيما يقدم؛ فهو فنان لم يستهلك نفسه وعمله فى المشاركات الجماعية والعامة، ولم يغرِه الظهور بشكله الباهت من خلال مشاركات مستهلكة؛ فجاء ليطبع اسمه فى المشهد التشكيلى بتفرد فى معرض يخصه هو، ويقدم خلاصة فكر وإحساس بصدق؛ فكان حضورًا لائقًا بكل تفاصيله من معروضات وكتيب وبيان المعرض الذى أعطى مفتاحًا لرسالة المفرح فى معرضه وحتى القراءة النقدية للدكتور حكيم عباس المصاحبة للمعرض فى كتيبه جاءت عميقة، وأنصفت الفنان وأعماله.
استمرار المفرح على المنهجية ذاتها فى تقديم فنه وإدارته الجيدة لما يقدم يضمن للساحة نموذجًا شابًّا متفردًا، يعمل بوعى، ويجرد بتمكن وإحساس عالٍ، يحترم فنه ومتذوقيه، ويحمله مسؤولية كبيرة؛ ليقدم شيئًا يليق بالقمة التى بدأ منها, ويستمر وسمه وشمًا من ذاكرة لن تصدأ لطفل لم يشِخ.
بالتوفيق يا أستاذ ماجد